عن وجدة سيتي
شكلت المرأة على ممر العصور حجر الزاوية داخل الأسرة،لما تمثله من دورفاعل في استمرار البشرية وتعاقب أجيالها،وإذا كانت المرأة في الجاهلية الأولى ،ورغم هذا الدورمهمشة، لاتراعى لها حرمة ولاتنال أي اعتبار،بحيث وصل الأمر إلى وأدها وهي لما تزل صغيرة مخافة العار،فقد جاء الإسلام وعزز مكانتها وحفظ لها بالتالي حقوقها كاملة غير منقوصة. وتزامنا مع تطور المجتمعات،واضطرار المرأة إلى الخروج إلى معترك الحياة إما عاملة أو متسوقة أو لقضاء مآرب شتى ،فقد باتت المرأة والوضعية هاته، معرضة للكثير من الإكراهات، والتي قد تتنافى وطبيعتها الأنثوية،مثل التحرشات اللاأخلاقية والعنف وهلم جرا.ولعل هذا ما لم تقبله المرأة بطبيعة الحال ،ومن هنا بدأ الاحتجاج والتصدي لكل أشكال الظلم. وإن شئنا أن ننبش في التاريخ،فيمكن القول إن رد فعل النساء قد بدأ منذ زمن بعيد ،وبالضبط في 1857 حيث خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، وتحت ضغط النضالات والمسيرات المستمرة، نجحت النساء في دفع المسؤولين السياسيين إلى الالتفات إلى مشكلة المرأة العاملة. وفي الثامن من مارس من سنة 1908 عادت الآلاف من النساء العاملات للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك حيث طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. ، وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم للمرأة الأمريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909، وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة، وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة. غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا سنوات طويلة بعد ذلك لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة. فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس. وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن. ونحن المغاربة إسوة بدول العالم نحيي هذا اليوم العالمي كل سنة، نحتفل فيه بالمرأة المغربية،وهي مناسبة للالتفات إلى العنصر النسوي وتفقد أحواله وتصويب كل الاختلالات التي تعرقل مساهمة نسائنا في قطار التنمية،ليس بالشعارات فقط كما دأبت على ذلك بعض الجمعيات التي نصبت نفسها مدافعة عن المرأة،وإنما بالنضال المستمرمن أجل أن تتبوأ المرأة المكانة التي تستحقها داخل المجتمع،بدون تمييز ولا تبخيس لأدوارها الطلائعية. لذلك أرى أن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة هو مناسبة لتعميق النقاش في الكثير من القضايا التي تقف حجرة عثرة أمام المرأة وتحرمها من المساهمة الفعالة في تنمية البلد.من هذه القضايا:
1ــ استغلال اليوم العالمي للمرأة للقيام بحملة وطنية واسعة للتنديد باستغلال صورة المرأة في الإشهار الذي يبرزها في دورالإغراء والمشجع على الاستهلاك بدون جهد ولا تضحية.وإذا كان هناك من إشهار يظهرها في صورة العاملة المجدة المجتهدة فنحن لسنا ضده،بل نباركه ونشجع عليه.
2ــ القضية الثانية تتمثل في آفة الأمية داخل النساء،ومغادرة الفتيات للمدرسة في سنة مبكرة ،ليعززن طابور النساء الأميات.فحق التعليم لجميع النساء هو تحد لابد من رفعه من قبل المدافعات على النساء.ويزداد إلحاحنا على هذه القضية ،خاصة إذا علمنا أن المرأة الأمية هي فريسة سهلة لجميع الآفات الاجتماعية،من شعوذة ودعارة ……..
3 ــ هناك قضية خطيرة مسكوت عنها في المجتمع المغربي خاصة لدى بعض المناطق وهي قضية الإرث،حيث تحرم المرأة من ميراثها الشرعي،إما لجهلها بذلك ،أو لظلم مسلط عليها.
4 ــ الالتفات إلى المرأة العاملة،وتعميق النقاش حول سن التقاعد،أملا في تخفيف هذا السن ما أمكن.مراعاة لظروفها،وكثرة مشاغلها داخل البيت . 5 ــ وأخيرا لايمكن أن يغيب عنا ما تعانيه المرأة القروية من تهميش وحرمان وقسوة طبيعة، مع قلة ذات اليد ،لذلك حان الوقت للانكباب بجدية على موضوع المرأة القروية،والتخفيف من معاناتها. هذه بعض القضايا التي آثرت طرحها في هذا اليوم العالمي للمرأة،وكل عام ونساؤنا بخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق