‏إظهار الرسائل ذات التسميات كتب للتحميل. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات كتب للتحميل. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 20 مارس 2016

المتعة و السعادة :نشرت بواسطة: مصطفى عابدين

موقع علومي



هذا المقال كان عبارة عن منشور قصير على الفيس بوك لأوضح الفرق بين المتعة و السعادة و لكنني وجدت نفسي أكتب و أكتب فقررت تغيير الوسيلة من منشور قصير إلى مقال مفصل حول المتعة و السعادة…
ما هي المتعة؟
المتعة هي شعور إيجابي ناتج عن إفراز هرمون الدوبامين في الجسم. عملية إفراز هذا الهرمون مرتبطة مع نظام المكافأة و العقاب الدماغي. لنتكلم قليلاً عن نظام المكافأة و العقاب في الدماغ.
المكافأة:
سابقاً كان على أجدادنا العمل طوال اليوم في سبيل أن يحصلوا على وجبتهم اليومية، لكن في حال وجد أحدهم مصدراً غذائياً ذات سعرات حرارية عالية (العسل مثلاً) فهذا يعني أنه لن يحتاج أن يعمل طوال الوقت لتأمين حاجته في ذاك اليوم. تأمين الحاجة الغذائية دون الحاجة للعمل طوال اليوم هو أمر محبذ جداً و يعزز فرص صاحبه على البقاء. لهذا نجد أن الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية لها طعم لذيذ و الأطعمة المضرة (سمية) لها طعم غير جيد.
في حالة المأكولات اللذيذة يقوم الدماغ بربطها مع شعور إيجابي مفاده (هذا العمل جيد كرره). عملية الربط هذه تحدث عن طريق إفراز توقيع هرموني مرتبط مع الفعل. كلما وجد أجدادنا العسل مثلاً يتذكرون أنه لذيذ و طعمه طيب ليس لأن مركب السكر له طعم سحري و إنما لأن مركب السكر يقدم الطاقة للجسم بشكل فعال و لأن الدماغ ربط هذا الفعل الإجابي مع إفراز هرموني إيجابي.
الدماغ يتواصل مع أعضاء الجسم من خلال طريقتين. واحدة سريعة جداً (السيالة العصبية) و لها تأثير سريع جداً لكن لا يستمر أثره طويلاً و الطريقة الثانية هي من خلال إفراز الهرمونات و التي يكون تأثيرها ذو فعالية أطول لكن تأخذ بعض الوقت لكي تتفعل في الجسم.
العقاب:
كما أن الجسم يكافئنا على الأعمال الجيدة يقوم بمعاقبتنا على الأعمال المضرة (حسب تقديره).
مثلاً، إذا قمنا بعمل غير مفيد لبقائنا مثل التهام أطعمة سمية أو فاسدة يقوم الدماغ بمعاقبتنا و ربط هذا الفعل مع توقيع هرموني و إجرائي سلبي لكي لا نكرره مرة أخرى.
عندما تأكل مأكولات سامة يقوم الدماغ عن طريق حاسة الذوق و الشم باستشعار المواد السامة و إطلاق سيالة عصبية مفادها أنك تلتهم مادة غير مقبولة للجسم. أيضاً يقوم الجهاز العصبي بأخذ مقود القيادة و يتخذ إجراءات احترازية في إجبار الجهاز الهضمي على إخراج ما تم التهامه عن طريق فعل لا إرادي نسمية “التقيؤ”. توجد إجراءات أخرى يقوم بها الدماغ مثل إفراز الأدرنالين و ذلك نتيجة اعتقاده أنك تتعرض للخطر لكن لن أدخل بكل هذه التفاصيل في هذا المقال.التفاصيل في هذا المقال.
مثال آخر:
عندما تُرضع الأم رضيعتها يقوم الدماغ بإفراز هرمون الأوكسيتوسن (هرمون الترابط الاجتماعي و الحب) لربط العملية بشكل إيجابي بين الأم و ابنتها و أيضاً يفرز بعض الدوبامين لكي لا تكون عملية الإرضاع مؤلمة دون متعة فيموت الأطفال من الجوع.
ملاحظة: قد يبدو من طريقة طرحي أن الدماغ يقرر أن يفرز هذه الهرمونات لأنه على دراية بما يجري في العالم الخارجي أو أنه مصمم للقيام بهذه الإجراءات إلا أن الموضوع يتطلب فهم نظرية التطور عبر الانتقاء الطبيعي و ربط آليات التطور و كيف ممكن أن تنتج عنها هذه الأنظمة التي تتواصل فيما بينها عبر الرسائل الهرمونية.
إفراز الدوبامين من أكثر الرسائل الدماغية فعالية و أقدمها حيث أنها موجودة لدى جميع الأحياء. الألم في المقابل هو رسالة إنذار أن الجسم يتعرض إلى أذىً و نجد أن آليات الشعور بالألم لا يمكن تجاوزها بشكل طبيعي لأنها بمثابة منبه أو جهاز إنذار يجب أن يستمر في إرسال الرسالة حتى يتم معالجة المشكلة. الألم جهاز إنذار لا يمكن تجاوزه بشكل طبيعي.
المزيد من الدوبامين:
تم وضع فأر مختبر في قفص و تم وصل مجسات كهربائية داخل دماغه في منطقة nucleus incumbent و هي المنطقة المسؤولة عن تنظيم إفرازات الدوبامين في الجسم (قسم المكافأة). تم وصل المجسات الكهربائية مع ساعد موجود داخل القفص كلما تم ضغطه يرسل إشارة كهربائية للدماغ و يحفز قسم المكافأة على إفراز الدوبامين.
02selfstim
الفأر اكتشف الساعد و بدأ يضغط عليه باستمرار. مع الوقت توقف الفأر عن فعل أي شيئ سوى الضغط على الساعد و دخل في حالة إدمان. الشعور بالمتعة شعور أقوى من كل الغرائز الأخرى و المثير للاهتمام أن الفأر مات بعد عدة أيام بسبب الجوع و العطش إذ أنه اختار عدم التوقف عن ضغط الساعد مقابل جرعات الدوبامين.
هذه التجربة توضح مدى تأثير الدوبامين على الجسم و منها أود ربط عدم قدرة الذكر على الممارسة الجنسية لأكثر من مرة بشكل متتالي. الذكر يفرز كميات كبيرة جداً من الدوبامين أثناء الوصول لمرحلة القذف (الذروة الجنسية) و لهذا نجد أن ذكر الإنسان تطور بحيث لا يمكن أن يمارس الجنس بشكل متكرر كآلية لحمايته من الاستمرار في العملية الجنسية حتى الموت. أيضاً هذا مثال جيد لتفسير لماذا الكثير من مدمني المخدرات يصلون لمراحل خطيرة و مع ذلك لا يستطيعون التوقف دون مساعدة طبية. (المخدرات عبارة عن محفز دوبامين)
الإدمان هي حالة دماغية مرتبطة بحاجة الجسم إلى القيام بفعل ما لتحفيز إفراز الدوبامين. توجد مواد محفزة لإفراز الدوبامين منها النيكوتين و الكحول و غيرها (الهيروين و الكوكايين). في حالة الإدمان يتأقلم الجسد مع مستويات الدوبامين المفرزة و ترتفع عتبة الحساسية للدوبامين فيتطلب الجسد كميات أكبر من المحفذ فيشعر المدمنون أنهم بحاجة جرعات أكبر
حسناً موضوع الهرمونات و الدماغ هو موضوع شيق جداً و مركب جداً و أشعر أنني لن أتوقف عن الكتابة لكن يجدر بي أن أعود لموضع هذا المقال. الفرق بين المتعة و السعادة ولكن، مثال أخير عن المتعة أعدكم….November_12__2014_at_0325PM
لعبة Candy Crush لها سيط واسع بين الناس و هذا لأنها لعبة تعتمد على إفراز الدوبامين. اللعبة مبرمجة بطريقة تكون صعوبة المراحل فيها موزعة بشكل عشوائي مع اعتبار وجود كمية لابأس بها من المراحل السهلة جداً. اللاعب يبدأ اللعبة و كلما قام بفعل جيد يجد على الشاشة عبارات ذات طابع إيجابي (positive reinforcement).
مع الوقت تصبح هذه العبارات مرتبطة بإفرازات صغيرة من الدوبامين. اللاعب يدمن على هذه الإفرازات إلى أن يصل إلى مرحلة صعبة فيجد صعوبة في الحصول على الجرعات المعتادة. فجأة تنتهي اللعبة و تقول لللاعب أن يعود بعد مدة زمنية محددة.
إعطاء جرعات من الدوبامين ثم إيقافها فجأة يسبب حالة من الإدمان لأنك لم تتوقف بشكل طوعي و إنما تم أخذ جرعاتك منك بشكل قسري.
مثال أخير….
الفيس بوك يعتمد على نفس الآلية. كل ضغطة إعجاب like تسبب إفرازاً ضغيراً من الدوبامين بالإضافة للعديد من العوامل الأخرى المتعلقة بحاجاتنا إلى التواصل الاجتماعي (أوكسيتوسن). أنت تتصفح الفيس بوك كل يوم لأنك مدمن على الدوبامين.
أتمنى أن يكون أصبح واضحاً أن المتعة عبارة عن حالة دماغية لها مؤثرات فيزيولوجية و لا يمكن أن تسمتر طوال الوقت. يختلف معدل إفراز الدوبامين بين الأشخاص لذلك قد نجد الشعور بالمتعة يتفاوت بين الأشخاص بناءً على الأعمال التي يقومون بها. المتعة محفز رئيسيّ للقيام بالعديد من الأعمال اليومية و لكن مع الوقت تنخفض عتبة الاستشعار بالدوبامين فنشعر بالضجر و الملل و نبحث عن محفزات جديدة و هكذا.
السعادة نتيجة المتعة:
السعادة هي حالة عامة تتعلق بالاستقرار الهرموني في الجسم. الإنسان الذي يحقق استقراراً هرمونياً في أغلب الأحيان هو إنسان سعيد. في قول آخر، كلما كانت خياراتك هي خيارات تساهم في إفرازات هرمونية إيجابية فأنت تتجه نحو حالة عامة سعيدة. الفرق بين السعادة و المتعة هو أن المتعة هي تكتيك و السعادة استراتجية. كلما كانت أساليبك في الحصول على الدوبامين هي أساليب طبيعية كلما كنت تحقق استقرار هرموني في جسمك.
طبعاً الاستقرار الهرموني لا يمكن اختزاله بالدوبامين فقط و إنما يوجد لدينا طيف واسع من الهرمونات التي تتفاعل مع بعضها البعض. فمثلاً هرمونات الأوكسيتوسن و السيروتونين و الإندورفين و غيرها جميعا تشكل الخلطة الأساسية للحالة النفسية للفرد. كلما كانت نسب هذه الهرمونات متوازنة كلما كانت حالة الإنسان مستقرة و أقرب إلى السعادة. يجدر الذكر أن هرمون السيروتونين له وظائف هامة جداً في استقرار الحالة النفسية (الدماغية) عند الإنسان و هو يسمى هرمون السعادة، لكنني سأتحدث عنه في مقال منفصل.
مستقبلاً سأعمل على مقال حول كيفية الوصول إلى حالة من السعادة بشكل علمي. طبعاً كل إنسان يختلف عن غيره لكن مجرد معرفة كيفية آليات عمل الجسد ستساعد الكثير من الأصدقاء في السيطرة و التحكم بحالتهم النفسية…
أتمنى لكم السعادة….

المصادر:

الخميس، 10 مارس 2016

الكون والمنطق البشري . نشرت بواسطة: مصطفى عابدين

عن موقع علومي
لماذا المنطق البشري يرفض التطور و يقبل الخلق؟
لماذا الكثير من الناس ترفض النظريات العلمية مثل الإنفجار العظيم أو التطور و تقبل فكرة الخلق ويجدون فكرة “كن فيكون” أكثر منطقية؟
المنطق البشري هو محصلة تطور البشر من كائنات بدائية إلى كائنات أقل بدائية حتى شكلها الحالي و إذا نظرنا في تعمق إلى مكونات هذا المنطق و كيف نشاء سنكتشف أنه منطق مبني على حماية الإنسان من حيوان مفترس هنا و خطر هناك. منطق مبني على التعامل مع الأخطار بشكل سريع و شافي بهدف حماية الإنسان. هذا المنطق لا يهدف إلى معرفة حقائق الأمور لأنها لاتشكل عامل مؤثر على البقاء. أي تفسير منطقي يفسر الحالة القائمة هو مقبول طالما أن النتيجة هي البقاء على قيد الحياة.
لنأخذ بعض الأمثلة…
أنا أمشي في الغابة، فجأة سمعت صوت من بعيد. نظرت باتجاه مصدر الصوت و إذ بقطيع من الضباع. مباشرةً أتخذ قرار الهروب بهدوء لكي لا يكتشف الضباع أمري. لننظر إلى آلية التفسير المنطقية الحاصلة في دماغي لكي أتفادى الخطر.
حين أنظر إلى الضبع أن لا يهمني اللبنة الأساسية التي شكلة بناء جسد الضبع. لا يهمني أنه يتكون من مليارات الخلايا التي تعمل ضمن حمض نووي و أن له أربع أقدام و أن عينه تتألف من ملايين العصيبات الضوئية و أن دماغه ليس إلا العديد من الأعضاء العصيبة التي تدير وظائف الجسد. لا يهمني أن لديه كبد يقوم بتنظيم العمل الكيميائي داخل جسده و أن للضبع رئتين تساعداه على التنفس وأن معدته هي المسؤوله عن عملية الهضم.
المهم أن هذا الكائن اسمه الضبع و هو يشكل خطر بالنسبة لي. هذا التفسير أفضل للوصول إلى نتيجة منطقية تساعدني في تفادي الخطر. لا يهمني أن أعرف أنه مكون من خلايا و بروتينات و باكتيريا و عناصر. هذه المعلومات لا تساهم في حظوظي على البقاء.
حين أنظر إلى نبتة معينة ما يهمني معرفته هو إن كانت صالحة للأكل أم لا. لا يهمني معرفة عملية التركيب الضؤي و ماهية مادة اليخضور و آليات التكاثر لهذه النبتة و الخلايا التي شكلتها. المهم أن هذه النبته هي شيئ واحد اسمه فاكهة الفريز (مثلاً) و أنني أستطيع أكلها و أن طعمها حامض.
حين أرى البحر لا يهمني أنه مركب من عناصر هيدروجين و أوكسجين بشكل سائل. حين أنظر إلى الجبل لا يهمني أنه مكون من التراب و أن التراب يتكون من غازات و مواد عضوية و عناصر كيميائية. المهم أنه جبل عالي و هو لا يتحرك و لا يشكل خطر على حياتي.
ما أود الوصول إليه أن المنطق البشري هو غريزة حسابية هدفها تحليل المعلومات و ربط الدلالات بشكل يساهم في بقاء الكائن الحي. الإنسان لم يكن مهتم بمعرفة حقائق الأمور بواقعها و إنما بما يتماشى مع حاجاته البقائية. نتيجة هذا المنطق أن الإنسان يجد أن وجود الاشياء كمواد مصنوعة هو تفسير منطقي أكثر من التفسير العلمي بالتطورالتراكمي لكل شيئ في هذا الكون.
(يوجد العديد من الأمثلة من نظرية النسبية لأنشتاين التي لازلت أجدها غير منطقية و لا أستطيع تقبلها غريزياً مثل مثال “التوأمين”)
مع تطور الحضارة البشرية و ابتكار الطريقة العلمية التي تعتمد على الأدلة و البراهين و التجارب التطبيقية انطلقت شرارة العلم و بدأت رحلة اكتشاف ماهية هذا الكون. المشكلة في المنطق البشري هي سبب العديد من الإشكاليات التي نقع بها في فهم العلوم. لا يمكننا بناء أي افتراض علمي بناء على المنطق لأن المنطق هو ليس قانون علمي تطبيقي و ليس مسلمة كونية صحيحة للجميع.
______________________
بعض الفرضيات المنطقية التي سأستعرضها في هذا البحث:
– طالما أن للكون نقطة بداية فلابد أن يكون لهذا الكون خالق….
– خالق الكون لابد و أن يكون أعظم من هذا الكون لأنه خالقه….
– هذا الخالق لابد و أن يكون خارج الزمان و المكان لأنه هو من خلقهما….
______________________
طالما أن للكون نقطة بداية فلابد أن يكون لهذا الكون خالق:
العلم يثبت نقطة بداية لهذا الكون (النظرية العلمية اسمها الإنفجار العظيم).
نعم، الدلائل على انفجار عظيم سبّب وجود هذا الكون أصبحت مؤكدة. أذكر منها بشكل مختصر الإشعاعات الكونية الخلفية و التي توضح درجات حرارة الكون و أثاراللإنفجارالعظيم على شكل برودة حرارة الكون كل ما تقدمنا بالزمن. أيضاً تأثير دوبليرالذي ساهم في كشف أن الموجة الكهرومغناطيسية القادمة من النجوم تحمل طيف أحمر و بالتالي يوضح كيف أنها تبتعد عنا. نعم المجرات تبعد عن بعضها بسبب توسع الكون المستمر و المتصاعد (أي أن الإنفجار مازال مستمر). أيضاً الخارطة الكيميائية للعناصر و التي تفسرها نظرية الإنفجار العظيم بشكل دقيق جداً حيث أن تفاعل العناصر ينتج عنه عناصر جديدة في عملية تطور تراكمية إلى أن نصل للخارطة الحالية. أيضاً تشكل النجوم و أجيال النجوم. يمكن للقارئ أن يبحث أكثر عن نظرية الإنفجار الكبير، لكن موضوع البحث مختلف لذلك سأكتفي بهذا القدر من الأمثلة.
طاقة من لاشيئ:
الكثير من الأحيان يتم عرض فكرة تناقض مفهوم وجود الطاقة من العدم مع قانون مصونية الطاقة (لطاقة لا تخلق من العدم بل تتغير من شكل إلى أخر) و لكن في الواقع بوجد لدينا  مفصلين مهمين هنا.
أولاً أن مجموع طاقة الكون هي صفر و هذا يعني أنه كل ما نراه من حولنا من مادة عادية (انا و أنت و الكون المنظور) و مادة و طاقة مظلمة سنجد أن الكون  منبسط ذو طاقة حيادية.
فيديو توضحي حول فكرة أن مجموع الطاقة صفر ـ ليس مترجم

إذاُ ماذا يعني أن الكون مسطح هذا يعني أن مجموع الطاقة في الكون ليست ايجابية أو سلبية و إنما حيادية و بهذا لا نكون خالفنا قانون مصونية الطاقة. إذا كان الكون قبل أن ينشأ يساوي صفر فهو مازال يساوي صفر.
النقطة الثانية التابعة لهذا المحور هي أنه لا يوجد شيئ اسمه “عدم”. أجد استخدام كلمة عدم يمين و شمال، كيف يمكنك تفسير نشوء الكون من العدم؟ و هذا السؤال هو سؤال خاطئ علمياً إذ أنه لا يوجد عدم في الكون. هل هذا دليل على أن الكون أزلي؟ ربما لكن الجواب الصحيح أننا لا نعرف بشكل قاطع كيف بدأ الكون. من هذه النقطة أود أن أنوه إلى نقطة و هي أن نظرية الإنفجار العظيم لا تفسر من أين جاء الكون أو كيف بدأ و إنما تشرح كيف تطور الكون بعد اللحظة الأولى من الإنفجار العظيم. نحن لا نعرف إن كان هذا الإنفجار جزء من سلسلة لا منتهية من الإنفجارات أو إن كان الإنفجار بجزء صغير من الكون (الكون المنظور بالنسبة لنا) لكنا نعمل و بحث عن الأجوبة و ربما قد لا نصل إلى جواب، لكن هذه ليست دعوة لقبول الأساطير و القصص الشعبية كبديل للمنهج العلمي في المعرفة.
من خلق الخالق:
من خلق خالق الخالق؟ و من خالق خالق خالق الخالق؟” الأساطير حلت المشكلة عبر مرسوم ملكي أن الخالق لا خالق له لأنه خلق نفسه. لماذا يقبل الإنسان  بقانون ملكي يقتضي أن الخالق خلق نفسه و لا يقبل أن بيحث في نظريات علمية تفسر نشوء الطاقة من العدم؟
على الأقل يوجد لدينا قاعدة علمية ننطلق منها و نحاول تفسير نشوء المادة من الفراغ و نعمل على تفسير معنى كلمة عدم. ربما نصل ‘لى استنتاج أن الكون أزلي لا بداية له. نعم هذا يخالف منطقنا البشري، لكن المنطق هو وسيلة بقائية كما ذكرت سابقاً و ليست بوصلة معرفية للوصول إلى الحقائق. يوجد العديد من الأمثلة التاريخية حيث طرح العلم نظريات كانت غير منطقية في البداية و ثم تم تبنيها و تطوير المنطق البشري لمجاراتها. أذكر منها نظرية  كوبرينكاس الذي قال أن الكرة الأرضية ليست المركز و أنها تدور حول الشمس و نظرية النسبية لأنشتاين  التي تقول أن لاشيئ يتجاوز سرعة الضوء و أن الوقت بعد من أبعاد المكان. الكثير من الناس لازال لا يفهم نظرية أنشتاين و خصيصاً الشق المتعلق بموضوع الجاذبية و السرعة و الزمن. أيضاً يوجد لدينا نظريات الفيزياء الكمية التي تطرح لنا أفكار بعيدة كل البعد أن منطقنا اليومي الكلاسيكي و تطرح لنا أمور تجعلنا نسأل عن حقيقة وجودنا أصلاً.
لتكون (س) بسيطة: 
في العديد من الأحيان نحتاج إلى افتراض بعض الأمور لكي نستطيع تبسيط فكرة غير واضحة لنا أو معادلة رياضية يصعب حلها. في رياضيات الجبر مثلاً في بعض الأحيان نفترض أن (س) هي كذا لنستطيع الوصول لقيمة (س) الحقيقية. هذا يعني أن أي فرضية نضعها عن (س) يجب أن تكون بسيطة نوعاً ما و أن لا تكون معقدة أكثر من المعادلة التي نحاول حلها أصلاً.
أما في حال قمنا بوضع افتراض لقيمة (س) بحيث تكون (س) أعقد من المعادلة بذاتها فإن هذه الاستراتجية ستكون فاشلة و لن نستطيع الوصول إلى نتيجة علمية.
إذا سألتك ما هو سبب كروية الأرض؟ عليك أن تفترض بعض الأجوبة و محاولة مقارنة أجوبتك مع ما نشهده من دلائل تثبت أو تنفي فرضيتك. كل ماكانت فرضيتك لا تعتمد على الكثير من العناصر المجهولة كلما سهل علينا التحقق من صحتها.
كروية الأرض سببها:
– فرضية 1: وجود شخصية خيالية اسمها نور الماء و هي تحب الأجسام الكروية و هي التي كورة الأرض.
– فرضية 2: بفعل الجاذبية التي تعمل على جذب جميع المواد باتجاه نواة الذرة.
من الواضح أن الفرضية الأكثر علمية هي الأبسط و التي تتماشى و تتطابق مع مانرصده من حولنا.
من هذا السيق سأطرح استفسار يتعلق بمسبب الكون. أليس افتراض خالق لهذا الكون هو افتراض أكثر تعقيداً من السؤال الأصلي الذي نحاول الإجابة عليه. أليس وجود خالق قادر على الخلق ليس فقط الكون و إنما نفسه هو أكثر تعقيداً من الفرضية الفيزيائية التي تفسر نشوء الكون من العدم دون حاجة مسبب؟ أليس افتراض خالق له ادراك و إرادة و حاجات و كلمات و رسائل و كتب و أسماء و أبناء و أعداء و أصحاب هو اقتراض معقد أكثر بكثير من السؤال الذي بدأنا بحثنا من أجله؟
______________________
مقولة: “خالق الكون لابد أن يكون أعظم من هذا الكون لأنه خالقه”
المنطق البشري يفترض أن الخالق لابد و أن يكون أكثر تعقيداً من المخلوق. مثلاً نحن نفترض أن وجود الطاولة يستدعي وجود النجار. و أن النجار لابد أن يكون أكثر تعقيداً لكي يستطيع تطويع الخشب لصناعة الطاولة أليس هذا منطقي؟ نعم هذا منطقي و لهذا علينا الحذر من تبني ماهو منطقي دون التعمق أكثر في التفاصيل. المنطق البشري ليس الوسيلة الأفضل للوصول إلى المعرفة. الطريقة الأفضل هي اتباع المنهج العلمي المبني على الدلائل القابلة للفحص و التحقق. هكذا نضع منطقنا البشري جانباً و نعمل ضمن منهجية تضمن عدم التحيز و تصب كل نتائجها ضمن خزان معرفي نسمية المحتوى العلمي.
دعونا نحلل هذه الفرضية بطريقة مختلفة عن ماهو متعارف عليه…
من منظور العظّمة و تعقيد الخالق:
أليس أكثر عظَّمة أن يكون نجارالطاولة أقل تعقيداً من الطاولة؟
إذا قلت لك أن هذا النجار صنع هذه الطاولة من هذا الخشب. أنت تقبل هذه الجملة لأنها مبنية على مفاهيم و معارف منطقية. الخشب يأتي من الشجر و النجار لديه عقل و وعي يؤهله لصناعة الطاولة. نعم هذه الفرضية منطقية لكنها بعيدة عن العظّمة.. أين العظمة في الخلق إن كان الخالق أكثر تعقيداً..
في المقابل إذا قلت لك أن هذا الطاولة خُلقت بسبب عوامل طبيعية و مؤثرات بسيطة جداً. على الرغم من عظّمة هذا الفرض إلا أنك سترفضه لأنه ينافي المنطق المبرمج لديك لماهية الأمور و كيف ممكن لطاولة أن تنشاء من لاشيئ أو بسبب ظواهر طبيعية 100٪
لاشك أن خالق الكون الأبسط من الكون هو أكثر عظّمة من خالق الكون الأكثر تعقيداً من الكون.
______________________
مقولة: “هذا الخالق لابد و أن يكون خارج الزمان و المكان لأنه هو من خلقهما”
في العديد من نفاشاتي الدينية مع أصدقائي أسمع هذه الجملة. “الخالق خارج الزمان و المكان” أود أن أحلل هذه الجملة بطريقة علمية.
أولاً يجب التنويه أن كلمة “خالق” من المنظور الديني تعني الاله شخصي له اسم محدد يستطيع أتباع هذا الإله مناداته و التواصل معه. أيضاً يستطيع هذا الإله مساعدة أتباعه و تغير مجرى الأمور. هذا الإله له طقوس معينة للتواصل وهو يعمل بدور الرقيب على أعمال مخلوقاته و يعاقب و يكافئ. يغضب و يفرح. و له إرادة ويكره و يأمر و يلبي. إذاً هو كيان مترابط مع هذا الكون.
لكن في حال تعمقنا في النقاش عادة ما يتم اللجوء إلى محورين. الأول أن الخالق خارج الزمان و المكان و الثاني أن الخالق قادر على كل شيئ. دعونا ننظر بعمق أكثر….
إذا كان الخالق خارج الزمان و المكان فهذا يعني أنه غير موجود في هذا الكون و هذا لا يختلف كثيراً عن قول أن الخالق غير موجود من الناحية العملية. عدم الوجود هو تحديداً أن يكون الكيان خارج الزمان و المكان و أن يكون فاقد التأثير على الكون.
أما إن كان الخالق ضمن الكون فنحن عبر رصدنا لجميع الظواهر الكونية لانجد أي ظواهر خارجة عن الطبيعية أو غير مألوفة. كل ما نرصده يتطابق مع تحليلنا العلمي و تفسيرنا لماهية الأمور. إذاً لا دليل لدينا على وجود أي كيان أو طاقة مؤثرة في الكون غير مفسرة علمياً بالنسبة لنا.
ثم أن قول أن الخالق قادر على كل شيئ هذه عبارة غير علمية لا تستحق التعقيب لأنني ببساطة أستطيع اصدار أمر ملكي مقابل يقول أن الفيزياء الكمية قادرة على كل شيئ أيضاً.
القاعدة هنا أن ما يتم فرضه دون دليل نستطيع ضحده دون دليل أيضاً”. *هيتش” 
______________________
إذاً من أين أتى كل شيئ؟
– نظرية الإنفجار الكبير تفسر لنا كيف نتجت أول العناصر (هيدروجين و الهيلوم) و كيف أن التفاعلات النووية بين العناصر و التي أخذت مليارات النسين من التفاعل أوجدت جميع العناصر المتواجدة حتى يومنا هذا و مازال الإنفجار مستمر و بشكل تصاعدي
– نظرية التطور لا تفسر لنا من أين بدأت الحياة و إنما تفسر لنا كيف تنوعت الأحياء و من أين تطور الإنسان. نظرية التطور تقسر لنا أيضاً علاقات الأحياء بين بعضها و تصرفاتهم و غرائزهم
– يوجد محاولات مخبرية كثيفة لتفسير نشوء الحياة و فقط قبل يومين (30 تشرين الأول 2014) استطاع بعض العلماء من انشاء أنزيم قد يفسر لنا كيف بدأت الحياة. أيضاً في عام 1995 بدأ العالم كريغ فينتشر في مشروع علمي يهدف لصناعة خلية حية من العدم. فعلاً بعد 15 عام من البحث و العمل في مجال العلوم الدقيقة و الأحماض الوراثية استطاع فريقه من صناعة خلية حية تتألف من مليون عنصر جيني قام فريقه بكتابتها. هذه الخطوة مهمة جداً على الصعيدين العلمي و الفلسفي إذ أن الإنسان استطاع للمرة الأولى في التاريخ من صناعة الحياة من العدم. 
أنا لن أستطيع التطرق بشكل تفصيلي لهذه المواضيع العلمية بسبب تعقيد كل موضوع. ممكن أن أتفرع إلى هذه المواضيع ضمن مقالات مختلفة لكن أعتقد أن موضوع المنطق و الخلق هو موضوع يستحق أن يكون موضوع مستقل.
______________________
الملخص:
لاشك أن الأسئلة المتعلقة بجذورنا و من أين أتى هذا الكون الرائع المهيب هي أسئلة في عقل كل إنسان. لاشك أن معرفة حقائق هذه الأمور سيشكل تحول مصيري في تاريخ التطور الحضاري للجنس البشري الذي انطلق منذ 200 ألف سنة من أفريقيا في سبيل البحث عن الطعام و انتهى به المطاف خارج المجموعة الشمسية. العلم هو أفضل الوسائل التي ابتكرها الإنسان لانها الوسيلة التي تضمن لنا الوصول لأقرب توصيف للواقع الذي نعيشه. جذور الحياة و الكون هي بحوث علمية بحته اجابتها ستكون نتيجة بحوث و تجارب علمية في جامعات العلم و مختبرات البحوث و ليس في بيوت الدين.
اقحام قوى خارجية للاجابة على أي شيئ هو هروب من الإجابة و الاستسلام بعدم المعرفة و قبول الجهل بالأمور. الإعتراف أننا لا نعرف كيف بدأت الحياة هي الخطوة أولى في رحلة البحث عن الإجابة. الإدعاء بالوهم بمعرفة الشيئ هي رصاصة في صلب البحث. كيف نبحث عن ما لا نعلم أنه ضائع؟
عبر السنين أثبت لنا العلم أننا في كون يعمل ضمن قوانين موضوعية بعيدة عن السحر و المعجزات. لهذا أنا لم أطلب من القارئ و لا لحظة واحدة أن يقبل مني أي معلومة مفترضة بقفزات سحرية أو معجزات. في هذا السياق أطلب من القارئ أن يقيم البحث بطرق علمية و أن يبحث أكثر في المواضيع العلمية التي ذكرت ضمن هذا المقال.
الكون مليئ بالإبهار و العظّمة و من المحزن أن نفسره من منظور خرافات و أساطير سومرية. نحن ادراك الكون لنفسه ومن المحزن أن لا ندركه…..

الاثنين، 7 مارس 2016

هل أنا عقلي؟ مصطفى عابدين

عن موقع علومي
و تم اختراع طريقة لنقل دماغي بالكامل الى جسد شخص اخر
فهل سيتحول وعيي الى ذلك الشخص بالكامل؟
في الحقيقة هذا السؤال مهم جداً و مثير للفضول…. أعدكم أن يكون الكلام بعيداً عن المصطلحات العلمية المعقدة.
هذه محاولتي على الاجابة…
– جيد أنني احضرت المظلة لأنها بدأت تمطر و لدي موعد لا أريد الذهاب اليه وثيابي مبتلة
– اللعنة لا أحب هذه الأغنية على المذياع.
– لماذا لم يبتسم لي غسان عندما قلت له صباح الخير؟” 
– يجب أن أتصل بأمي لم أتكلم معها لعدة أيام !
لمن أقول ” جيد أنني أحضرت مظلة؟” ألست أنا من أحضرها؟ 
لمن أبدي رآيي في الأغنية على المذياع؟ ألست أنا من يسمها؟
لماذا يدور هذا النقاش في رأسي و من هم المتحاورون؟
من أين يأتي الشعور و كأنني كيان منفصل عن جسدي؟ أشعر أنني أقود الجسد من خلف العيون. فأقول يدي تؤلمني و كأنها من ممتلكاتي و ليست جزء مني. لماذا أفكر مع نفسي و كأنني غير قادر على التفكير في صمت.
في هذه السطور سأحاول تحليل موضوع مركب و هو “الأنا” أو “النفس” و من ثم سأحاول الإجابة على السؤال الأصلي المتعلق بالفرضية العلمية المتعلقة بانتقال الوعي من جسد إلى آخر.
من أنت؟ 
أنت مجموعة من النظم الطبيعية المتجانسة التي تعمل في تناغم مع بعضها البعض لتبقى جميعها على قيد الحياة ضمن نظام متكامل نسميه الجسد. الدماغ هو أحد هذه الأنظمة ضمن الجسد و هو يلعب دور المايسترو في ضبط أدوار هذه النظم و توظيفها.
إذاً الدماغ هو عضو مثله مثل القلب أو الكبد أو الكلية أو العين مع الاختلاف في الأدوار و الأولوية في البقاء على قيد الحياة.
أعلم أن هذه المعلومات قد تبدو بديهية في الظاهر إلا أنها أساسية و محورية في موضوع فصل العقل عن الجسد أو ما يسمى في علم النفس Cognitive Dualism 
الوهم الحاصل بكون الجسم منفصل عن الدماغ و أن النفس هي عبارة عن قبطان للجسد هو موضوع فلسفي أكثر من كونه علمي لأنه لا يوجد أي دليل علمي يثبت أن الدماغ و الجسد كيانين منفصلين بل على العكس هو كيان واحد مترابط. نسمي هذه الفرضية الشبح في الآلة.
الشبح في الآلة يرمز لشعورنا و كأننا (الأنا) هي كيان منفصل يقود آلة اسمها الجسد إلا أن علم الأعصاب والدماغ يثبت بشكل قطعي عدم وجود مثل هذا الشبح و أن هذا الشعور مجرد وهم. إن العديد من الغدد التي تفرز الهرمونات موجودة خارج الدماغ و هذا يعني أن العمل الدماغي يتجاوز الكتلة الدماغية المعروفة و النخاع الشوكي و هو ممتد عبر الجسد.
ماهو الدماغ؟
الدماغ هو جهاز حاسوب بيولوجي يعمل على تحليل جميع الإشارات الحسية العصبية بطريقة تمكن الجسم من ادراك محيطه و رسم ردات الفعل للتعايش مع المحيط. هدف الدماغ هو استنتاج كل ما يحدث ضمن منظومة مبنية على معارف مسبقة. لهذا نجد أن الخوف يأتي و ينتج عن عدم القدرة على رسم تصور واضح لما يجري. هذا شرح بسيط جداً جداً عن الدماغ.
الدماغ مؤلف من طبقات و أقسام عديدة. هذه الطبقات كل منها تروي حكاية و تاريخ في قصة تطور الإنسان. كل قسم له وظائف مختلفة ومترابطة مع غيرها إلا أنها ليست كيان واحد منفصل. نعم الدماغ عبارة عن مجموعة من الأعضاء التي تعمل بشكل جماعي لتحقيق غاية قيادة بقية أعضاء الجسم. مثلاً القسم الزاحف (نسبة لكونه يعود لأيام الزواحف و تطور معنا حتى اليوم) هو مسؤول عن ادارة الأعمال المتعلقة بتنظيم دقات القلب و درجة حرارة الجسم و التوازن. هذا القسم يعمل كل يوم دون الاكتراث بما يعمله قسم ال limbic المسؤول عن العواطف و الذاكرة. كل قسم يقوم بعمله و يشارك بقية الأقسام بالمستجدات التي تحدث ضمن مجال عمله. نعم هم يتفاعلون و يؤثرون على بعض لكن لكل منهم أولوياته و هدفهم المشترك هو ابقاء الجسم على قيد الحياة.
لنأخذ بعض الأمثلة:
لنأخذ هذا السناريو و نحلله:
شاب متزوج و شابة عازبة يجلسان على البار. يشربان الكحول. قامت الشابة بوضع يدها على كتف الشاب المتزوج. فجأت نسي الشاب المتزوج أنه متزوج و محى زوجته من ذاكرته تماماً و بادر بلمس يد الفتاة و طلب منها أن يذهبا إلى مكان آخر أكثر خصوصية.
ماذا حدث هنا دماغياً و من هو القبطان؟
الشابة:
– الشابة في المرحلة الأخيرة من دورتها الشهرية و نسبة الأستروجين التي أفرزتها مبيضاها أصبحت عالية في دورتها الدموية (أستروجين هرمون محفز جنسياً)
– الكحول أثر على القسم الأمامي من الدماغ و المسؤول عن تقييم المخاطر و اتخاذ القرارات.
– الشابة لديها رغبة بالعملية الجنسية كنتيجة لارتفاع نسبة الهرمون الجنسي أستروجين
– الشابة في عمر ال20 تبحث عن شريك لتستطيع تحقيق الهدف الأساسي و هو التكاثر
– الشاب عرض جينات جيدة من خلال لغة جسده و تفاصيل وجهه
الشاب:
– يشعر بالتعب و الملل من حياته الجنسية مع زوجته بسبب خمول العلاقة لأسباب عديدة هذا يعني انخفاض نسبة هرمون الدوبامين بشكل عام 
– الكحول أثر على القسم الأمامي من الدماغ و المسؤول عن تقييم المخاطر و اتخاذ القرارات
– ارتفاع نسبة هرمون “الأوكسي توسن” في الجسم نتيجة لمس الفتاة لكتف الشاب. 
– افراز بعض الدوبامين كنتيجة لافراز الأوكسي توسن 
– تحفيز الرغبة الجنسية نتيجة ارتفاع الأوكسي توسن و الذي ربط النشوة الجنسية مع قسم المكافئة
– تحفيز قسم المكافئة بسبب ارتفاع نسبة الدوبامين دون رادع من القسم الأمامي المسؤول عن التقييم و اتخاذ القرارات بسبب الكحول
التحليل:
الفتاة تعلم أن عليها البحث عن شريك يقوم بتربية أطفالها إلا أن الكحول منع القسم الأمامي (فرانتال كورتكس) من تقييم الموقف و اتخاذ القرار الصائب بعدم التفاعل مع الشاب لأنه متزوج. هرموناتها الإنثوية و غريزتها الجنسية و ضبابية القدرة على اتخاذا القرارات جعلتها تبادر الشاب عبر لمس كتفه
الشاب لديه 3 أطفال من زوجته و حياته الجنسية تفتقر للمتعة بسبب ضغوط الحياة. إلا أنه غريزياً مازال مهتم بنشر جيناته مع شركاء أخرين. في الأيام العادية لا يبادر الشاب للقاء الفتيات لأن القسم الأمامي من دماغه يرفض ذلك رغم الضغوط من قبل الأقسام الآخرى. الفرنتال كورتكس تعمل على تقييم المخاطر.
مخاطر (الطلاق، خسارة حضانة أطفاله، الخوف من المجازفة في علاقة غير مضمونة النتائج) هي ما يمنعه عادة إلا أن الكحول خدر الفرنتال كورتيكس اليوم و هذا أطلق العنان لبقية الأقسام أن تسرح و تمرح smile emoticon . في نفس الوقت مازال القسم الزاحف من الدماغ ينظم دقات القلب و درجة حرارة الجسم لكن تأثير الكحول جعل من مهمته أصعب اليوم…. (هذا الوصف ليس كامل و دقيق من الناحية العلمية لكن الغاية توضيح بعض ما يحدث خلق الكواليس)
الدماغ و الجهاز العصبي هو ليس عضو واحد و إنما مجموعة كبيرة من اللأنظمة التي تعمل ضمن وظائف مختلفة لكل منها أهداف تسعى إلى تحقيقها بشكل أو بآخر.
تجربة تثبت أقسام الدماغ
في بعض الحاللات المرضية يكون العلاج قص الدماغ من المنتصف قسم الكوربوس كولوسم (corpus callosum) و لا أريد الدخول بالحالة المرضية التي تؤدي إلى هذا العلاج لكن لنلاحظ ماذا يحدث حين نقطع التواصل بين القسمين الأيمن و الأيسر..
– نضع المريض في غرفة و نغطي العين اليسرى بغطاء. هذا يعني أن الشخص يستخدم القسم الأيمن من الدماغ للرؤية
– نضع صورة سيارة أمامه 
– نسأله عن الصورة ماذا وضعنا أمامك؟
لن يستطيع المريض الاجابة لأن خاصية النطق موجودة حصرياً في الشق الأيسر و الشق الأيسر لم يرى صورة السيارة. و لأن الشق الأيمن لا يستطيع إعلام الشق الأيسر يعجز المريض عن النطق بما رآه.
نسأل المريض أن يرسم ما رأه في الصورة. فعلاً المريض يرسم صورة سيارة لكن بيده اليسرى حصرياً لأنها موصولة مع الشق الأيمن.
في تجربة أخرى:
نعطي المريض صورة فيها مخلب دجاجة (ينظر إليها من خلال العين اليسرى أي القسم الأيمن من الدماغ) و الأخرى فيها منظر طبيعي فيه ثلوج كثيفة فيها معول ثلج (ينظر إليها من خلال العين اليمنى أي القسم الأيسر من الدماغ). ثم نسأل المريض أن يختار عدة أشياء من ضمن مجموعة من الصور يكون لها علاقة بما رأى من قبل.
المريض يختار بيده اليمنى معول لتنظيف الثلوج و صورة دجاجة في يده اليسرى.
ثم نسأل المريض لماذا اخترت هذه الاشياء؟
يقول المريض بسيطة: لأنني رأيت صورة مخلب الدجاجة و اخترت المعول لأننا نحتاج المعول لتنظيف فضلات الدجاج.
إذاًَ القسم الأيسر لا يعلم أن القسم الأيمن قد رآى صورة للثلوج و عليه تبرير اختيار المعول فيشكل قصة منطقية جديدة و هي أن المعول ضروري لتنظيف فضلات الدجاج. مع العلم أن القسم الأيمن مازال يعلم أنه رأى المعول في الصورة لكنه غير قادر على التعبير. إذا سألنا المريض أن يرسم لنا صورة يعبر بها عن ما شاهد سيرسم صورة المعول لأن القسم الأيمن هو المسؤول عن الرسم إلا أنه إذا سألناه لماذا رسمت المعول سيقول لا يوجد سبب “لا على التعيين” لأن قسم اللغة لا يعلم أن القسم الأيمن شاهد معول..
من هنا أريد الانتقال لمفهوم الادراك و الوعي….
الدماغ هو مجموعة من الأنظمة التي تعمل بشكل متناغم على ادراة الجسد. العمليات الدماغية تحدث خلف الكواليس خارج ادراك الكائن. الإدراك هو أخر مرحلة من المراحل الدماغية إذ على الدماغ تحليل ما يجري و وضعه ضمن سياق منطقي يفسر البيئة المؤثرة به. أتمنى أن يكون الوهم بأن الشخص هو من يقرر و يقوم بالأفعال أصبح أكثر وضوحاً الأن.
في التجربة السابقة حين سألنا المريض عن سبب رسمه المعول لم يقول “لا أعرف” و إنما قام القسم الأيسر بتحليل هذا العمل و وضعه ضمن السياق الأكثر منطقية. (المعول لتنظيف فضلات الدجاج). الطبيب و الباحث يعلمون أن المريض رسم المعول لأنه رآه في الصورة لكن القسم الأيسر من دماغ المريض لا يعلم ذلك. لذلك ما نعتقد أنه منطقي أو أننا مدركين له هو مجرد وهم.
من أين يأتي وهم “النفس” أو “الأنا”؟
العمل الدماغي لا يتجزأ عن حالة الجسد الكلية إذ أن الدماغ وظيفته الأساسية هي ضبط وظائف الجسد. دون الجسد يصبح الدماغ مثل قائد أوركسيترا بقف وحيداً دون فريق العازفين ودون النوتات الموسيقية يحرك يديه دون جدوى. إذاًً الدماغ هو في حالة تحليل منطقية مستمرة لكل ما يجري من ظواهر و مؤثرات و تفسير هذه الظواهر يتجسد بالشعور و كأننا نجلس خلف العيون و نقود الجسد. إلا أننا في الحقيق فقط ندرك القليل القليل من ما يجري من صراعات و أتحليلات و حسابات داخل هذا المجمع العصبي و الذي نسميه الدماغ….
من هذه النقطة نستطيع الاجابة على السؤال الذي طرحته في بداية المقال حول الأفكار و لماذا أشعر و كأن نقاش يدور في رأسي و فيه أكثر من جهة متحاورة؟ هذه النقاشات هي بالفعل بين أقسام الدماغ لكنك لا تدرك إلا جزء بسيط منها. أنت تدرك فقط الجزء المهم تحليله لتبقى الأمور منطقية و لكي تشعر أنك أنت من يتحكم بكل شيئ.
لو تم اختراع طريقة لنقل دماغي بالكامل الى جسد شخص اخر
فهل سيتحول وعيي الى ذلك الشخص بالكامل؟
الجواب:
لا لأنك أنت أصلاً غير موجود.
أنت وهم دماغي مرتبط بشكل مباشر مع جميع أعضاء جسدك و أي تغير في هذه البنية سيشكل وهم جديد بناء على الجسد الجديد. ربما تنقل ذاكرتك لجسم آخر و تشعر في الجسد الجديد أنك أنت فعلاً انتقلت لكنه لن يكون سوى وهم جديد و يسكون الأنت السابقة قد تبخرت و اختفت إلى الأبد

الثلاثاء، 1 مارس 2016

ما هي الألوان ؟: مصطفى عابدين



عن موقع علومي


نحن ننظر إلى الأشياء التي حولنا و نميز ألوانها المختلفة لكن ما هي هذه الألوان و هل هي موجودة حقاً في الطبيعة أم أنها في دماغنا البشري فقط؟ لماذا نجد أن اللون الأحمر أحمر و الأخضر أخضر و هل تستطيع  بقية الكائنات أن ترى الألوان كما نراها نحن؟ هذه هي الأسئلة التي سأجيب عليها ضمن هذا المقال.
قبل الدخول في موضوع الألوان أود أن أتحدث قليلاً عن الضوء و حاسة البصر. حاسة البصر هي حاسة استشعار الضوء و من دون ضوء لايوجد شيئ لنبصره فنحن عندما نرى جسماً ما نحن عملياً نرى انعكاس الفوتونات الضوئية على سطح هذا الجسم وليس الجسم بحد ذاته. إذاً حاسة البصر هي عبارة عن تحليل عصبي لظاهرة فيزيائية على شكل صورة ذهنية لكن قبل أن نبحر ضمن هذا المحور أود أن أتحدث قليلاً عن الضوء.

لنبدأ أولا بماهية الذرة: bha
الذرة بأبسط أشكالها (الهيدروجين) تتألف من نواة و من الالكترون. النواة تقع في المركز بينما يتواجد الالكترون ضمن مدار حول النواة. لن أدخل في التفاصيل كثيراً إلا أنه يتوجب فهم نقطة هامة و هي أن وجود الالكترون ضمن مدار حول النواة محكوم بكمية محددة من الطاقة. هذه الكمية المحددة هي ما يؤسس لمكانيكية الكم أو الفيزياء الكمية التي يتحدث عنها الجميع….
لكي يستطيع الالكترون الانتقال من مدار إلى مدار أعلى (أبعد من النواة) يتوجب على الالكترون اكتساب طاقة و لكي ينتقل من مدار إلى مدار أسفل أو يقترب من النواة عليه أن يفقد طاقة. طبعاً عملية الكسب أو الخسارة للطاقة محكومة بكميات محددة من الطاقة و ليست عشوائية نسميها Quanta.
يجدر الذكر أن استخدامي لكلمة مدار عند الحديث عن الالكترون ناتج عن عدم وجود توصيف أفضل لمكان تواجد الإلكترون إلا أن التوصيف الصحيح هو أقرب لأن يكون كشكل كرة من الصوف حول النواة و مكان تواجد الالكترون هو عبارة عن احتمالية رياضية ضمن  سطح هذه الطابة الصوفية.
الأن لنتخيل أن نواة الذرة هي عبارة عن نقطة صغيرة جداً بحجم حبة البازلاء مثلاً و أنها متواجدة في منتصف ملعب لكرة القدم فبهذا القياس سنجد أن الالكترون متواجد في مكان ما على مدرجات الملعب.
كما ذكرت سابقاً الانتقال بين المدرجات يكلف الالكترون كمية محددة من الطاقة و لهذا فإن على الالكترون الدفع قبل الانتقال. العملة المتداولة للانتقال بين المدرجات (المدارات) هي الطاقة على شكل الفوتونات. الفوتون هو الجزيئ الناقل للطاقة الكهرومغاطيسية.
soccer_field


لنفترض أن ذرة من الهيدروجين فقدت بعضاً من طاقتها أو أن الالكترونها انخفض عبر المدرجات و دفع ثمن اقترابه من النواة. سيقوم الاكترون كما ذكرت لكم باطلاق الفوتون. الفوتون سينطلق على شكل موجة و يتجه نحو مواد آخرى حيث سيحدث أحد هذه الإحتمالات الثلاثة:
١- الفوتون المنطلق سيصطدم بالإكترون المادة الآخرى و تكون كمية طاقة الفوتون المسافر كافية لانتقال إلكترون المادة الآخرى من مدار إلى آخر. في هذه الحالة يمتص إلكترون المادة الجديدة للفوتون و ينتقل من مدرج إلى أخر… (ارتفاع في درجة الحرارة و امتصاص للضوء). هذا ما يحدث عندما تسخن الأشياء. و هكذا يعمل المايكرويف من خلال اطلاق أمواج ضوئية تتفاعل حصرياً مع ذرات الماء فترفع حرارتها.
٢- الفوتون يصطدم بالالكترون لكن كميته ليست كافية لانتقال الالكترون بين المدارات إلا أنها تنسجم مع موقع الإلكترون الحالي فيمتصه الالكترون لكنه يصدر فوتون آخر بنفس الكمية التي امتصها فيبدو لنا و كأن الضوء انعكس عن المادة. هنا تحدث الرؤية و تحديد اللون الذي سأشرحه بتفصيل أكبر.
٣- الفوتون لا يتفاعل مع الالكترونات المادة لأن الكترونات المادة محفزة لدرجة عالية لا تكفي الفوتون أن يتفاعل معها و عندها نقول أن المادة شفافة. الزجاج عبارة عن ذرات من عدة مواد محفزة لدرجة تحتاج فوتونات ذو طاقة عالية جداً لكي تستطيع التفاعل معها.
في قول آخر: إلكترونات المادة الشفافة موجودة على مدرجات الVIP ضمن الملعب و كمية الطاقة القادمة من فوتونات الهيدروجين ليست كافية لكي تتفاعل معها. في هذه الحالة يبدو لنا أن الضوء مر من خلال المادة و تبدو لنا المادة أنها شفافة. في الواقع هي شفافة لنوع محدد من الطيف الضوئي و ليس لكل أطياف الضوء (أطوال معينة للموجات الضوئية). لي عودة لهذا المحور عند الحديث عن الألوان و الأمواج الضوئية.
 مثلاً الزجاج يعكس الأشعة الفوق البنفسجية لأن فوتونات الفوق بنفسجية لديها كمية كبيرة من الطاقة قادرة على نقل الفوتونات من مدار إلى مدار أعلى. لهذا السبب نجد أن بعض النظارات الشمسية قادرة على عكس الأشعة الفوق البنفسجية أو UV protection.
حسناً، الان وقد أصبح لدينا فكرة عامة عن مصدر الفوتونات علينا التعمق أكثر بما يجري لهذه الفوتونات عند انطلاقها. الفوتونات تنتقل على شكل موجات. في الواقع الفوتون عبارة عن جزيئ و موجة في نفس الوقت و انتقال الفوتونات على شكل موجات هو مايعطينا وهم الألوان في دماغنا. لكن لنعود خطوة إلى الوراء.
الأمواج الضوئية:
Light_dispersion_conceptual_waves
تخيلوا معي أمواج البحر… في بعض الايام يكون البحر هادئ و الأمواج خفيفة تأتي كل فترة و فترة و في أيام آخرى يكون البحر هائج و نجد أن الأمواج أقوى و تأتي إلى الشاطئ ضمن فترات زمنية أقصر. إذاً يوجد لدينا خاصيتين تتعلق بالموجة و هي قوتها (ارتفاعها و كمية الماء التي تحملها) و الآخرى هي المسافة بين الأمواج أو طول الموجة.
الضوء ينتقل تماماً كما تنتقل أمواج البحر و عين الإنسان لا تستطيع رصد إلا جزء صغير جداً من أنواع هذه الأمواج الضوئية.
الضوء أو القوة الكهرومغاطيسية تأتي ضمن طيف واسع جداً وعلى فرض أن طول الموجة يبدأ من قيمة ١ نانومتر فإنها تنتهي عند قيمة ١ مليار نانومتر في حين أن عين الإنسان قادرة على  رصد قيمة بين ٤٠٠ إلى ٧٠٠ نانومتر فقط من أصل ال١ مليار أي اقل من ١ على مليون من مجمل الطيف الضوئي أو الكهرومغناطيسي.
أود العودة إلى المثال الذي ذكرته سابقاً عن الذرة و كيف أن النواة عبارة عن حبة بازلاء في وسط ملعب كرة قدم و أن الإلكترون عبارة عن جزيئ على المدرجات.
بناء على نوع الذرة (المادة) سيكون رقم المدرجات التي تتواجد فيها الإلكترونات. عند وصول الطيف الضوئي لكي ينعكس على المادة يحدث شيئ مثير للاهتمام. الالكترونات كما ذكرت سابقاً عندما تكون قيمة الطاقة القادمة غير كافية لنقل الالكترون للمدرجات الأعلى (ابعد عن النواة) فإن الالكترون يمتص هذه الطاقة و يطلق فوتون بنفس مقدار الطاقة التي امتصها. كل مادة لديها توقيع ضوئي إن صح التعبير حيث أنها تمتص جميع الفوتونات و تحولها إلى إلى حرارة لكنها تعكس موجات فوتونية ذو قيمة محددة تتلائم مع موقع الكتروناتها.
Visible-spectrum-600x286
الألوان عبارة عن انعكاس هذه الأمواج الضوئية على المواد التي حولنا. مثلاً عندما ننظر إلى سيارة زرقاء فنحن ننظر إلى جسم مطلي بمادة تمتص كل الموجات الضوئية عدى موجات ذات طول ٤٧٥ نانومتر تقريباً أو ما نترجمه في دماغنا على شكل اللون الأزرق. عند النظر إلى أوراق الأشجار فنحن ننظر إلى مواد عضوئية لديها الكترونات تمتص كل الفوتونات الضوئية و تعكس فقط الفوتونات ذات طول ٥١٠ نانومتر أو ما نسميه اللون الأخضر.
عندما ننظر إلى مادة لونها أصفر فهي مادة ذات الكترونات تمتص كل الموجات الضوئية عدى الموجات ذات طول ٥٧٠ نانومتر تقريباً و التي نترجمها على شكل لون أصفر و عندما ننظر إلى مادة شفافة فنحن ننظر إلى مادة فيها الكترونات محفزة لدرجة  أنها تحتاج موجات ضوئية أعلى من الموجات المرئية بالنسبة لنا لكي تمتصها الالكترونات فتبدو لنا و كأنها شفافة. عندما ننظر إلى مواد ذات عدة ألوان فهي عبارة عن ذرات متنوعة لكل منها خصائص مختلفة تعكس الموجات الضوئية بالترددات التي نستطيع رصدها.
الضوء الذي لا نستطيع أن نراه هو موجات ضوئية أقصر من ٤٠٠ نانومتر أو ما نسميها فوق البنفسجية ultraviolet أو  موجات ضوئية أطول من ٧٠٠ نانومتر أو ما نسميها تحت الحمراء Infared  و نستطيع رصدها من خلال وسائل تقنية غير العين البشرية. كأننا نجلس على شاطئ البحر فلا نشعر إلا بأنواع محددة من الأمواج.
الواقع المرئي الذي نراه من حولنا ليس إلا انعكاسات ضوئية ذو ترددات محددة ضمن الطيف الضوئي. نحن نرى هذا الطيف الضوئي المتمثل بالألوان السبعة لاننا تطورنا في بيئة تعكس هذا الموجات الضوئية و كان ضرورياً لبقائنا أن نرصد هذه الموجات تحديداً. نحن كائنات ذو حجم متوسط أي أننا أكبر بكثير من المستوى الذري و أصغر بكثير من المستوى الكوني و بالتالي نحتاج أن نرصد هذا الجزء المتواضع من الطيف الضوئي لكي نستطيع البقاء على قيد الحياة لكن الواقع الفيزيائي المتواجد حولنا أغنى بكثير مما نستطيع أن نستشعره من خلال وسائلنا الطبيعية. 
eye
يوجد في عين الإنسان خلايا مستقبلة للضوء و تستطيع رصد ٣ أنواع من الأمواج الضوئية (أحمر و أزرق و أخضر). هذه الخلايا العصبية تقوم بتحليل
الفوتونات إلى اشارات عصبية تنتقل إلى الدماغ ليتم ترجمتها على شكل صورة ذهنية. الألوان التي تستطيع هذه الخلايا رصدها هي ما يحدد الطيف الضوئية الواقع بين ٤٠٠ و ٧٠٠ نانومتر أو أزرق إلى الأحمر.

أذكر لكم بعض الكائنات الأخرى و كيف تختلف حاسة البصر بالمقارنة مع الإنسان:
العناكب: تستطيع رصد الفوق بنفسجية و الأخضر
الحشرات مثل النحل: تستطيع رصد فوق البنفسجية و الأزرق و الاصفر و لهذا نجد أن بعض الأزهار لديها اشكال تستقطب النحل لكنها غير مرئية بالنسبة لنا إذ أنها تعكس الألوان الفوق بنفسيجة فقط.
الأخطبوط: الأزرق فقط
الزواحف مثل الافعى مثلاً: تستطيع رصد الأشعة تحت الحمراء و بعض الألوان الآخرى
الطيور: تستطيع رصد بين ٥ إلى ٧ ألوان (افضل من قدرة الإنسان)
القطط و الكلاب: لونين فقط (أقل من قدرة الإنسان)
السناجب: تستطيع رصد اللون الأزرق و الأصفر
الرئيسيات مثل الشيمبانزي: تستطيع الرؤية مثل الإنسان
القرود الإفريقية: تستطيع الرؤية مثل الإنسان
القرود الإفريقية ـ جنوب افريقيا: مثل الإنسان لكنها لا تستطيع رصد اللون الأحمر.
70e0806bfd3a4cad1e7cca9ce053e56b
إذاً موضوع الألوان ليس إلا وهم دماغي و ترجمة لأطوال الأمواج الضوئية داخل الدماغ.  لهذا يظن بعض علماء الأحياء أن الوطواط على سبيل المثال يستطيع السماع بالألوان أيضاً إذ أن حاسة السمع لديه قوية لدرجة كبيرة بحيث أن دماغة قد يكون قادر على رسم صور ذهنية للموجات الصوتية بشكل شبيه لكيفية رسم الصور الذهنية لدى الكائنات التي تستخدم اشارات ضوئية.
الموضوع شيق و ممكن التعمق فيه أكثر لكن سأكتفي بهذا الحد ضمن هذا المقال.
الكون من حولك لا لون له…. أنت من يلوّن الكون…
شكراً على القراءة.
مراجع: 
https://askabiologist.asu.edu/colors-animals-see
http://missionscience.nasa.gov/ems/09_visiblelight.html
http://www.physicsclassroom.com/class/light/Lesson-2/The-Electromagnetic-and-Visible-Spectra
http://www.explainthatstuff.com/glass.html
http://csep10.phys.utk.edu/astr162/lect/light/spectrum.html
http://www.worldsciencefestival.com/programs/what_is_color/
http://science-edu.larc.nasa.gov/EDDOCS/Wavelengths_for_Colors.html#invisible
ملفات فيديو: