عن أنفاس نت
يفيد علم النفس التربوي في بحوثه من التقاطع بين علم نفس النمو وعلم النفس العرفاني. ومبحث التعلم إذ ينصرف إلى الاهتمام بالمتعلم، إنما ينطلق من أمرين اثنين يعتبرهما حجر الزاوية ومدار الاهتمام، هما: النمو من جهة وسيرورة الإدراك من جهة ثانية.
إن النمو عبارة عن عملية تكامل في التغيرات الفيزيولوجية والنفسية، تهدف إلى تحسين قدرة الفرد على التحكم في البيئة، وهي عملية منظمة تسير وفق أسس، وتتقدم بناء على قواعد يمكن التعرف عليها ودراستها. والمعرفة بهذه المبادئ ضرورية من أجل أن يفهم المدرس المتعلمين. إذ عليه أن يدرك العملية التي تتفتح خلالها إمكانات الفرد الكامنة وتظهر في شكل قدرات ومهارات، وصفات وخصائص شخصية.
يعنى علم نفس النمو بمختلف المراحل التي يمر بها الإنسان من البداية إلى النهاية، وهذه المراحل المتتابعة إنما تمثل حلقات متصلة يمر فيها الإنسان من النقصان إلى الاكتمال، ثم ينحدر به العمر حتى لا يعلم من بعد علم شيئا. ودراستها إنما تساعد المربي في معرفة خصائص الأطفال والمراهقين و تَبَيُّـن العوامل التي تؤثر في نموهم و سلوكهم. فمتى عرف طريق توافقهم في الحياة توصل إلى بناء المناهج وطرق التدريس وتمكن من إعداد الوسائل المُعينة في العملية التربوية. وإذا فهم الوظائف والأنشطة المعرفية وجد ما يساعده على تعيين أفضل طرق التربية والتعليم التي تناسب المرحلة ومستوى النضج.
سنهتم من الأمر بمرحلة المراهقة وننظر في مستويين منها، هما: المستوى العرفاني والمستوى الوجداني، ونحاول أن نتبين دور كل مستوى منهما في تنمية المستوى الآخر وتأثيره عليه، على ما بين المستويين من تداخل قد يمتنع معه الفصل، إلا استجابة للاقتضاء المنهجي .
تستمد المراهقة قيمتها من كونها تمثل المرحلة الفاصلة الواصلة بين مرحلتي الطفولة والنضج. وتتميز هذه المرحلة بجملة من الخصائص المتعالقة، يعنينا منها الجانبان الوجداني والعرفاني.
لما كانت الأهداف مدخلا مناسبا للنظر في العملية التعليمية باعتبارها فعلا استراتيجيا يستهدف إعداد المتعلمين معرفيا ووجدانيا ونفسيا حركيا، فإننا سننظر في المسألة من جهة ما له صلــة بالأهداف التعليمية بقسميها العرفاني والوجداني.
إن النمو عبارة عن عملية تكامل في التغيرات الفيزيولوجية والنفسية، تهدف إلى تحسين قدرة الفرد على التحكم في البيئة، وهي عملية منظمة تسير وفق أسس، وتتقدم بناء على قواعد يمكن التعرف عليها ودراستها. والمعرفة بهذه المبادئ ضرورية من أجل أن يفهم المدرس المتعلمين. إذ عليه أن يدرك العملية التي تتفتح خلالها إمكانات الفرد الكامنة وتظهر في شكل قدرات ومهارات، وصفات وخصائص شخصية.
يعنى علم نفس النمو بمختلف المراحل التي يمر بها الإنسان من البداية إلى النهاية، وهذه المراحل المتتابعة إنما تمثل حلقات متصلة يمر فيها الإنسان من النقصان إلى الاكتمال، ثم ينحدر به العمر حتى لا يعلم من بعد علم شيئا. ودراستها إنما تساعد المربي في معرفة خصائص الأطفال والمراهقين و تَبَيُّـن العوامل التي تؤثر في نموهم و سلوكهم. فمتى عرف طريق توافقهم في الحياة توصل إلى بناء المناهج وطرق التدريس وتمكن من إعداد الوسائل المُعينة في العملية التربوية. وإذا فهم الوظائف والأنشطة المعرفية وجد ما يساعده على تعيين أفضل طرق التربية والتعليم التي تناسب المرحلة ومستوى النضج.
سنهتم من الأمر بمرحلة المراهقة وننظر في مستويين منها، هما: المستوى العرفاني والمستوى الوجداني، ونحاول أن نتبين دور كل مستوى منهما في تنمية المستوى الآخر وتأثيره عليه، على ما بين المستويين من تداخل قد يمتنع معه الفصل، إلا استجابة للاقتضاء المنهجي .
تستمد المراهقة قيمتها من كونها تمثل المرحلة الفاصلة الواصلة بين مرحلتي الطفولة والنضج. وتتميز هذه المرحلة بجملة من الخصائص المتعالقة، يعنينا منها الجانبان الوجداني والعرفاني.
لما كانت الأهداف مدخلا مناسبا للنظر في العملية التعليمية باعتبارها فعلا استراتيجيا يستهدف إعداد المتعلمين معرفيا ووجدانيا ونفسيا حركيا، فإننا سننظر في المسألة من جهة ما له صلــة بالأهداف التعليمية بقسميها العرفاني والوجداني.
على أننا ندرك بدءا أن الحدود بين المجالين إنما هي محض حدود نظرية، وذلك لأن النسق العرفاني غير منفصل في حقيقة الأمر عن الأحاسيس الوجدانية. فحين يتعلم الفرد معرفة معينة، تتدخل في تعلمه عوامل الميول والاستحسان والتذوق. والتعلم إذ يُبنى إنما يقوم على أساس مراوحة دائمة بين النسق العرفاني وبين الحالات الوجدانية. ولكن هذه الحالات تبقى غامضة بالنسبة إلى المدرسين، إذ أنهم يشعرون بأهميتها في التدريس ولكنهم لا يستطيعون تحديدها بدقة. فيتجه اهتمامهم إلى العناية بالأهداف ذات الطابع المعرفي ويدعون مادون ذلك، إذ لا يعدون غير المعرفة غاية لهم.
يعرف التعليم بكونه تعديلا للسلوك من خلال الخبرة، أو هو سلسلة من التغيرات في سلوك الإنسان. ولما كان التعليم موصولا بالسلوك الإنساني، فقد كان يردّ إلى جملة من الأهداف السلوكية، إذ يكون المدرس، وهو يخطط لدرسه، في حاجة إلى رصد الأهداف السلوكية أو التعليمية حتى يعطي مبررا لما يقوم بتدريسه لتلاميذه ويكون المتعلمون في حاجة إلى معرفة أهداف التدريس وإلى تبين قيمة ما يدرسونه.
ويحدد الهدف السلوكي بكونه التغير المرغوب فيه المتوقع حدوثه في سلوك المتعلم، والذي يمكن تقديمه بعد مرور المتعلم بخبرة تعليمية معينة.
تصنف الأهداف التعليمية أصنافا نكتفي منها بما يتصل بالمجال العرفاني والمجال الوجداني وما بينهما من تفاعل. فكيف يتفاعل المجالان؟ وكيف يوظف المجال منهما في تنمية الآخر؟
لئن عمد الباحثون في ميدان التربية والبيداغوجيا إلى تصنيف الأهداف التعليمية إلى أصناف مختلفة (الأهداف المعرفية والأهداف الوجدانية والأهداف النفسية الحركية)، فإنما كان تصنيفهم لغاية منهجية يقتضيها البحث. فالبيداغوجيا الحديثة لا ترى في التعلم فعلا عقليا محضا منفصلا عن العواطف . إذ تبين كثير من البحوث البيداغوجية أن للمشاعر دورا كبيرا في عملية التعلم التي تتحدد بكونها فعلا تواصليا بالأساس، أي تعاونيا تفاعليا. والتعلم في هذا التصور إنما هو انخراط في مشروع جماعي يكتمل بمساهمة مختلف العناصر.
إذا لمس التلميذ أن له دورا يؤديه داخل القسم تولدت لديه الثقة في النفس وتعززت ثقته في الآخرين، بذلك يستشعر كل تلميذ في القسم المسؤولية وينصرف بكل اهتمامه إلى الدرس يسهم في إنجازه. وإذا كانت العلاقات داخل القسم قائمة على المودة والاحترام المتبادل، فإن ذلك يسهم في نشأة مناخ لتعلم تعاوني بين مختلف الأطراف.
يتعلق الجانب الوجداني- في المجال البيداغوجي- بكل الأهداف التي تصف تغيرا في الاهتمامات والحوافز والقيم، وتطورا في الحكم والقدرة على التكيف والتوافق. وهكذا يتداخل مع الجانب العرفاني، فيكون كل منهما الغاية والأداة في الآن ذاته. فالتلميذ الذي لا يبدي رغبة في درس ما، ينبغي أن نسعى إلى تحفيزه اعتمادا على إثارة ميوله ومشاعره، بل قد نحتاج إلى استفزازه حتى نستثير دافعيته.. مثلا إذا أبدى التلميذ المراهق تراخيا في درس اللغة العربية، فإننا ننصرف إليه لتعزيزه دون انفعال قد يفسد أسباب التواصل معه، فنبين له أن درس اللغة يستهدف الحفاظ عليها وعلى ثقافتنا العربية، وذلك من مسؤوليته هو قبل غيره، فلا ينبغي أن يحقّر أحدنا نفسه. بذلك يتجلى الهدف الوجداني باعتباره صيغة تعبّر عن نية تتعلق بمواقف الشخص، ويشمل الأحاسيس والانفعالات والعواطف.
فحين يوجد عائق في نقل المعرفة إلى التلميذ يتحول الوجدان من آلية لإنجاز الدرس إلى موضوع للدرس يبحث من خلاله المدرس عن جلب انتباه التلميذ إلى أهمية موضوع الدرس وخلق الاهتمام لديه وتحفيزه على تعلم محتوياته.
وحتى يتمكن المدرس من شدّ انتباه التلميذ وإثارة اهتمامه ينبغي أن يكون عارفا بمختلف حاجاته التي تُعتمد كمنطلق للفعل التعليمي. والحاجة هي حالة من التوتر ناتجة عن نقص شيء ضروري. والمدرّس مدعو إلى العمل على تخفيف هذا التوتر, وذلك بإثارة سلوك المتعلم وتوجيهه نحو تغطية النقص, ومن ثم تلبية الحاجة وإشباعها. و يكون ذلك باستدعاء الحافز, وهو القوة التي تدفع المتعلم إلى الفعل.
تشير الحاجات والحوافز في المجال التربوي إلى كل ما يدفع المتعلم إلى إنجاز مهام معينة قصد تحقيق الهدف، وهذا يعني أن الفعل التربوي ينبغي أن يكون مخططا منظما بكيفية تؤدي إلى تلبية الحاجات واستثمار الحوافز. ذلك أن الحاجات والحوافز الاجتماعية والنفسية والتربوية إنما تشكل محركات للنشاط التعليمي لدى التلاميذ.
حدد بعض الباحثين الحاجات المحفّزة على التعلم في:
- الرغبة في تحقيق الذّات
- والاعتراف بها
- والمسؤولية
- والترقي الشخصي
- والتطور
- والاستقلالية.
إن للمتعلم المراهق حاجات متعددة ينبغي أن يكون المدرّس واعيا بها مدركا لما كان فرديا منها وما كان مشتركا حتى يراعيها حق رعايتها إذ أنها أصبحت أهدافا للتربية، وتتلخص في:
- الحاجة إلى تحيين ذات المتعلم لمواكبة التطور المعرفي، ( فالمراهق ميال إلى كل جديد ).
- الحاجة إلى التحكم في المحيط المباشر للمتعلم.
- الحاجة إلى الحوار والتواصل.
- الحاجة إلى ربط علاقات المودة والمحبة والاحترام.
- الحاجة إلى اكتساب المعرفة وامتلاكها واكتشاف المجهول.
- الحاجة إلى الاستقلال.
على أن وعي المدرس بحاجات المراهق هذه لايمكن أن يغنيه مالم تتوفر لديه مهارات تساعده في إنجاز الفعل التعليمي، ومن هذه المهارات:
- مهارة التهيئة الذهنية.
- مهارة تنويع المثيرات.
- مهارة استخدام الوسائل التعليمية.
- مهارة إثارة الدافعية للتعلم.
ويقصد بالدافعية إثارة رغبة التلاميذ في التعلم وحفزهم عليه، وذلك ب:
- التنويع في استراتيجية التدريس.
- ربط الموضوعات بواقع حياة المتعلمين.
- إثارة الأسئلة التي تتطلب التفكير مع تعزيز إجابات التلاميذ.
- ربط أهداف الدرس بالحاجات الذهنية والنفسية والاجتماعية للمتعلمين.
- دعوة التلاميذ إلى المشاركة في التخطيط لعملهم التعليمي.
وليست الدافعية نتيجة تأثير خارجي، بل هي ناتج طبيعي للرغبة في الإنجاز وإيمان من الشخص بأنه قادر على الفعل. تحضرني في هذا السياق قصة شهدتها مع تلميذة لي درّستها، وكانت مجدّة. دخلت القسم في بعض الحصص، فألفيت التلاميذ يتحاورون في شأن برنامج تلفزي يسمى(ستار أكاديمي)، فساءلتهم في الأمر، وعاتبتهم لانسياقهم وراء مفسدات الذوق..ثم التفتّ أسأل التلميذة المجدّة..فأجابت بأنها قضت ساعتين ونصفا تشاهد البرنامج..فقلت متسائلا: كم تعدّ الأمة؟ وكم ضاع من وقتها؟..فقالت:كثير...ثم إنها أقبلت عليّ يوما تسألني عن عدد أبيات لامية العرب للشنفرى...ولما استفهمت عن علة السؤال علمت منها أنها قد سعت في تعويض ذلك الزمن بأن قضت مثله تحفظ اثنين وثلاثين بيتا من لامية العرب وجدتها بين دفتي كتاب..
لقد أدركت أني أثَرت في التلميذة كوامنها لما أشرت في حواري مع القسم إلى أن الوقت أثمن من أن نصرفه في الاستجابة لهوى رخو..فكان الجانب الوجداني مدخلا إلى تنمية معارفها تنمية ذاتية لم أنتهج فيها نهج الأمر والنهي، ولا سلكت سبيل الوعظ والإرشاد، مما لا يحفز ولا يثير دافعية في مراهقين يقترن إقبالهم على المعارف بفوران عاطفي لابد أن نراعيه حق رعايته.
لابد أن ندرك أن الفعل التعليمي إنما هو فعل تواصلي بالأساس، و حتى يتحقق التواصل فإنه يقتضي أطرافا علاقاتها أفقية، ولا يكون ذلك إلا متى تخلى المدرس عن صورته التقليدية وأدرك أن التدريس عملية تفاعل اجتماعي وسيلتها الفكر والحواس، والعاطفة واللغة. وحتى يكون التدريس فعالا ينبغي أن يقوم على مبادئ، منها:
- أن يمثل المتعلم محور العملية التربوية، وليس البرنامج أو المجتمع.
- أن تتلاءم مبادئ التدريس وإجراءاته مع حالة التلاميذ الإدراكية والعاطفية والجسمية.
- أن تختلف الأساليب المستخدمة في التعليم باختلاف نوعية التلاميذ.
- أن يُستهدَف تطوير قوى المتعلمين الإدراكية والعاطفية والجسمية والحركية بصيغ متوازنة.
فالذكاء لا يُعَدُّ العاملَ الوحيدَ في تقويم نتائج المتعلم وإنما تزاحمه عوامل أخرى من أهمها النضج العاطفي والنمو النفسي الحركي. والإنسان هو كل هذه العوامل مجتمعة. والذكاء متعدد وليس فردا. وإذا آمن المدرس بتعدد "ذكاءات" المتعلمين واختلافها عمد إلى اتباع مداخل تعليمية-تعلمية متنوعة لتحقيق التواصل مع الجميع داخل القسم منطلقا من الوعي بأن لكل متعلم طريقة في التعلم تناسبه، ومن ثم وجب تنويع أساليب التدريس لمخاطبة كل فئة بما يناسب طريقتها في التعلم.ليس بين الوجداني والعرفاني تعارض، إنما بينهما تكامل وتساند، فمثلما يتعلم التلميذ المعارف العقلية والمفاهيم النظرية مما يعطي عمقا للأنشطة والوظائف المعرفية لديه، فإنه يتعلم كذلك القيم و يكتسب المواقف، وكون المواقف مكتسبة يجعلها قابلة للتعديل والتغيير، وذلك إنما يتم من خلال العملية التعليمية التي تتحقق فيها غايات التربية والتعليم، وتلك أنما تستمد مصادرها من منظومات القيم الاجتماعية التي تحدد التصور عن المتعلم ومحتويات التعلم.
نور الدين غيلوفي تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق