الخميس، 4 فبراير 2016

عن قرار فصل التكوين عن التوظيف في مجال التعليم


بقلم جمال هبوز المستشار في التوجيه التربوي بنيابة زاكورة



عن علوم التربية  حسن اللحية

 لا أحد من المغاربة يروقه  الوضع المتأزم للتعليم بالمغرب و الذي يؤكده بالملموس سواء الواقع أو التقارير الوطنية أو الدولية حول الموضوع.  لقد بادر المغرب في السنوات الأخيرة الى القيام بعدة إصلاحات  بدءا من الميثاق الوطني للتربية و التكوين مرورا بالمخطط ألاستعجالي ووصولا الى الرؤية الإستراتيجية 2015-2030  لكن لحد الآن دون جدوى.  تعد نقطة إزاحة الوزير الوفا عن حقيبة التربية الوطنية في التعديل لحكومي الأول لبن كيران و تنصيب الوزير بالمختار كوزير تقنوقراط و تفعيل المجلس الأعلى للتعليم  نقطة مفصلية  في الموضوع فهي إشارة واضحة على خروج التعليم من التدبير السياسي للحكومات الى تدبير وزير يتحكم في قراراته المجلس الأعلى للتعليم  و لو انه قانونيا  هو مجلس استشاري فقط.
      لقد عرفت الاربع سنوات الأخيرة  خروج العديد من المذكرات و المشاريع و المراسيم  و التي تروم في مجملها الى تنويع العرض التربوي و إعادة بناء مخرجات المنظومة التربوية مع احتياجات سوق الشغل كالباكالوريا الدولية و الباكالوريا المهنية و الإجازة المهنية و عملية تكوين 10000 إطار تربوي في افق 2016 و عملية تكوين 25000 طالب مجاز  في صفوف العاطلين من أجل إعادة  إدماجهم في سوق الشغل. لكن يبقى المرسوم  رقم 588-15-1 لدخول  مراكز تكوين الأساتذة،  أكثر المراسيم التي خلفت ردود أفعال متباينة  لدى الفاعلين التربويين، و الذي فصل لأول مرة التكوين عن التوظيف . و كما أن  لأي إجراء او مشروع جديد ايجابياته و سلبياته فسوف أتطرق في هذا الموضوع إلى بعض ايجابيات و سلبيات هذا المرسوم بعيدا عن العاطفة و الشعارات النقابية و أحكام القيمة المسبقة و مؤيد للحكومة و معارض لها و بعيدا عن تدجين الجماعة لافكارنا و بعيدا عن ثقافة البحث عن الانصار و المتعاطفين.  و أتمنى أن أوفق في ذلك :
1)      ينتقد البعض هذا المشروع بكونه سيخرج لنا أساتذة معطلين و أنا اطلب  الجميع  إعادة  قراءة الموضوع  من زاوية أخرى .ماذا لو لم يتغير المرسوم ؟  ماذا لو تم فتح التكوين  ل8640 موجز فقط (حسب المناصب المالية لقانون المالية ل 2016)؟ هل كان سيكون مصير  1360 موجز المتبقية من 10000 أفضل؟ ألن يكون مصيرهم  أسوء من الان، أليس  النظام الجديد أفضل  من سابقه،على الأقل سيستفيدون  1360 موجز من تكوين بمنحة شهرية ب 1200 درهم و سيحصلون في أخر السنة على شهادة تخولهم العمل  سواء في التعليم العام او الخاص؟.
2)      يعتبر رجل التعليم الركيزة الرئيسية لأي إصلاح لمنظومة التعليم كما يعتبر التكوين الرصين إحدى هذه الركائز دون  إغفال  تحسين الظروف المادية و المعنوية و العملية.  لكن ما يلاحظ مؤخرا هو فقدان التكوين للكثير من هبته و انضباطه في  العديد من مراكز التكوين  حيث وصل في العديد منها إلى حد  الاستهتار  بحجة ان النجاح مضمون  في أخر السنة، لكن سيقول البعض أن  نجاح او رسوب الأستاذ المتدرب شأن يخص  مراكز التكوين و يجب ان يتحملوا مسؤولياتهم ، قول صحيح  لكن  ترسيب الأساتذة المتدربين له  تبعات  بعده ففي  سنة 2012  و في عهد الوزير الوفا  حين أخفق  28 طالب أستاذ، في مادة اللغة الفرنسية بالدار البيضاء اجتياز امتحان التخرج سقطت  الوزارة في مشكل لم يكن متوقعا   و هو كيف ستدبر تدريس  مادة  اللغة الفرنسية بعد ان أصبح الخصاص  مزدوج  : الخصاص الأصلي المهول  أضيف إليه الخصاص الناتج عن رسوب الطلبة الأساتذة . بطبيعة الحال  إلتجـأت  الوزارة كعادتها و بسبب الاكراهات الى الحلول الترقيعية  كضم الأقسام و تفييض الأساتذة ووو. و سؤالي ماذا لو كان عدد المخفقين  اكبر من ذلك بكثير؟.  وما رأي   الفاعلين في مجال التخطيط للموارد البشرية في الموضوع؟.
3)      سيمكن النظام الجديد للتكوين كذلك في حال كان هناك خصاص كبير في بعض المواد  المدرسة في  بعض النيابات أو الاكاديميات  من فتح باب التوظيف عبر امتحان للتوظيف  فقط و حل المشكل  في أي وقت من الموسم الدراسي في حين أنه  في النظام القديم  فقد كان يتم التعامل مع هذا  الخصاص  بالحلول الترقيعية اما عن طريق عين ميكة و إما عن طريق  التوظيف بالتعيينات المباشرة او الالتجاء الى أساتذة سد الخصاص  في حالة ما تم الضغط على الدولة عبر إضرابات مستمرة و طويلة و لا أنكر أني كنت واحد ممن ساهم  في تلك الإضرابات و بالتالي  جعل الدولة  تلجأ للتوظيف عبر آليات غير صحيحة بثاثا   فيتم  إدماج طلبة حاملين للإجازة أو الماستر دون تكوين و دون أية أبجديات التدريس و نتساءل في الأخير عن جودة التعليم .
4)      سيمكن النظام الجديد للتكوين كذلك من حل حالات  الغياب الطارئة مثل مرض متوسط الأمد او طويل الأمد او الغياب عن طريق رخصة الولادة و التي تدوم ثلاثة أشهر و ما تسببه هذه الغيابات من نتائج سلبية على التلاميذ. و كل رجال التعليم يعرف جيدا  الطريقة التي  يتم بها  حل هذا الغياب الطارئ إما عن طريق عين تقنية عين شافت و عين ما شافت  و إما عن طريق ضم أقسام او تفييض أساتذة في مؤسسات أخرى و الحجة دائما  بأنه لا يوجد  هناك حل أخر لا يوجد  أساتذة  ليحلوا مكانه و هل سيبقى التلاميذ بدون أستاذ .
5)      سيمكن النظام الجديد كذلك من سد ذريعة التعليم الخصوصي، و الذي هو شر لا بد منه و موجود على ارض الواقع  و لا يمكن للمغرب ان يكون استثناءا واهم من يطالب بحذفه  ، الذي يستنزف جهد أساتذة التعليم العمومي. حيث سيوفر لهم  أساتذة بنفس جودة التعليم العمومي و بنفس الكفاءات  و بنفس الشواهد كما  تفعل الدولة  في باقي المجالات الأخرى كموظفي الصحة و المهندسين و... لكن يجب على الدولة في المقابل أن  تتدخل قانونيا  و تلزم المؤسسات الخصوصية  باحترام بنود قانون الشغل كتحديد الأجور و باقي الضمانات كالتقاعد و الضمان الاجتماعي ووو .
6)      هناك من ينتقد المشروع  كذلك كون الدولة تريد التملص من التعليم العمومي و حتى نبتعد عن الانطباعات الشخصية فأعلى رقم للتوظيف في التعليم في عهد هذه الحكومة كان  في هذا الموسم المالي ب 8640 منصب مالي دون احتساب 20 منصب للتكوين المهني  و هو رقم له دلالاته و يشير أن الدولة لم تتراجع في عدد المناصب المالية  الخاصة بالتعليم و هو ما يدحض هذه  الفكرة على الأقل في الوقت الراهن  إلى أن يبثث العكس.
    تعاني جل الوظائف العمومية من خصاص في عدد أطرها و رغم ذلك فقد وصلت  كثلة الأجور في سنة 2015  إلى 105.5 مليار من أصل 245.83 مليار درهم اي  بنسبة 42.9 % من الميزانية العامة كما تمثل كذلك  13% من الناتج الداخلي الخام و هو رقم مرتفع مقارنة مع المتوسط العام 7%  لباقي الدول النامية  و هذا لا يعني  بطبيعة الحال خفض الوظائف العمومية بل العمل و التخطيط  على الرفع موارد الدولة عبر فتح مشاريع  استثمارية و تنموية . كما تشكل عدد الموظفين في وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني 53 % من موظفي باقي الوزارات .  و كمقارنة بسيطة بين كل من  حكومة  الأستاذ إدريس جطو و حكومة الأستاذ عباس الفاسي و حكومة الأستاذ عبد الإله بن كيران  فيما يخص التوظيف في المناصب العمومية و خصوصا المناصب المالية لوزارة التربية الوطنية نجد أن أن الحكومة الحالية  و بالأرقام استطاعت أن توفر أكبر عدد من المناصب المالية بالنسبة  لجميع الوزارات و حتى  بالنسبة  لمناصب وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني . و مع ذلك يبقى هذا المجهود غير كاف لسد الخصاص المهول.
( انظر الجداول  و المبيانات أسفله)

حكومة أ.إدريس جطو
2002
2003
2004
2005
2006
المجموع
عدد المناصب  المالية في وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني
6850
3500
3500
3500
4000
21350
عدد المناصب المالية في جميع الوزارات
10845
7000
7000
7000
12000
43845
حكومة أ. عباس الفاسي
2007
2008
2009
2010
2011
المجموع
عدد المناصب المالية في وزارة  التربية الوطنية و التكوين المهني
3500
5300
3800
9000
6000
27600
عدد المناصب المالية في جميع الوزارات
7000
16000
12820
23820
18802
78442
حكومة أ.عبد الاله بن كيران
2012
2013
2014
2015
2016
المجموع
عدد المناصب المالية في وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني
7200
8000
7005
7020
8360
37885
عدد المناصب المالية في جميع الوزارات
26204
24340
17925
22510
25998
116977






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق