الجمعة، 22 يناير 2016

لمحاربة الفساد تقتضي جرأة سياسية….!!؟



عبد الهادي بهيج


خلال آخر جلسة برلمانية لهذا الأسبوع أطل علينا وزير الوظيفة العمومية بإشراقته المهووسة بضجيج مهرجان الفقيه بنصالح ، يخبرنا بأن الحكومة وهي تستعد لنهاية ولايتها بصدد وضع استراتيجية واضحة المعالم لمحاربة الفساد..!!!؟ بالتوازي مع ذلك وقعت وزارة الفلاحة في شخص وزيرها المشمول بالرعاية السامية ووزير المالية الذي أضحى يتغنى بالمديونية ويضرب الطاولة على منتقديه في البرلمان على اتفاقية شراكة مع شركة سهام التي ستجبر الدولة على سداد 90 في المائة من ثمن الاكتتاب الخاص بتأمين المحصول لفائدة الفلاحين المساهمين ب 10 في المائة …..يعني أن شركة التأمين سهام لصاحبها المبجل وزير الصناعة و التجارة مولاي الحفيظ العلمي سيستفيد من كعكة الريع الذي قدم له على طبق من ذهب بالرغم من وجود حالة التنافي ،باعتباره عنصر داخل حكومة استراتيجية الفساد …يعني أيضا أن هاته الممارسة تبرز قيمة التدابير الجوفاء التي تنهل من قاموس الفساد و المحسوبية الممنهجة …ومع ذلك يصرون على تعنيف آذاذنا بأصواتهم المقرفة بين سجايا القبة المشؤومة.. !!!؟
إن عملية تمرير الصفقات من تحت الطاولة لأحد أعضاء الحكومة هو قمة الاستخفاف بنبض الشعب و المتاجرة بمنسوب كرامته تحت يافطة تأمين المحصول ….هو تأمين للملياردير الوزير حفيظ العلمي و الزيادة في صبيب بورصته بأموال دافعي الضرائب دون حياء أو وجل …هو ترتيب ممنهج لفلسفة الاستقواء على الشعب وتوضيب منمق لغرف أصحاب المال و الأعمال و المتنفذين وشرعنة مسارات الفساد الذي تحاربه الحكومة فقط كلما اقترب موسم قطف الأصوات الجزافية …لأنها تعتبر البسطاء مجرد رقم في معادلة الجبارين….المهووسين بنظم قصائد الحب للمملكة السعيدة بهم و بزمرتهم المستفيدة من استقرار رساميلهم و ثبات أصولهم التجارية في أبناك من ينظر إليهم بعين الرضى و يبارك ضجيجهم المفتعل.
لم أعد أفهم بالضبط ما يقع بالوطن….لم أعد قادرا على استيعاب ما يحاك ضد استقرار الوطن من طرف من أسندت لهم مهام حراسة كرامة الكادحين و عموم المستضعفين…!!!؟ في البرلمان الإسباني الجديد تحدث أشياء لم يكن لأحد أن يتخيل حدوثها يوما….شباب بقمصان مفتوحة و بذل عادية و أحذية رياضية يناقشون القوانين و يرفعون من وتيرة التشريع و الدفاع عن القضايا الحقيقية التي تجتاح من أوكلوهم للدفاع عن الحقوق المشروعة ….بل إنهم تنازلوا عن ثلاثة أرباع رواتبهم و رفضوا سيارات الخدمة التي توفرها الدولة….بينما نحن نتوسل الوزراء و نواب الوطن إلغاء جوج فرنك من معاشاتهم كما جاء على لسان للا شرفات أفيلال …..نستجديهم لمراجعة قوانين التقاعد و مراسيم الظلم دون جدوى.
لا أفهم بالضبط مسارات التضليل و التنكيل التي تجتاح الوطن….سنوات و المجلس الأعلى للحسابات ينجز تقارير الافتحاص تلو الأخرى و لم يقدم أحد للمحاكمة أو تم الحجز على منزله و ممتلكاته….بل هناك من زف لرئاسة الجهة بدل تقديمه للقضاء ،و الوزير اخشيشن خير مثال على ذلك بوصفه كان مسؤولا عن التعليم الذي صرفت فيه أموال طائلة لترسيم المخطط الاستعجالي….قيمة الهدر التي وسعت من دائرة الفساد و أسهمت في ضياع الزمن التربوي لا قيمة لها عند حكومة عفا الله عما سلف .. ..هي فقط تستقوي على الضعفاء و ترفع القبعة لكريستين لكارد كلما أعطتها الإشارة لتنفيذ البرامج الجوفاء و توثيق الصلة بصنبور الغرق في الديون الخارجية.
الإصلاح يجسد بخيار التعبئة المجتمعية و الممارسة التشاركية ليكون متينا و قويا و فعالا.. …الإصلاح لا يكرس من خلال المراسيم و القسم بأغلظ الإيمان و لا عبر التصورات الاختزالية للمشاكل و الأعطاب أو عن طريق الاملاءات و الردود الانفعالية التي تختفي تحت مظلة أعداء النجاح و عفاريت الفوانيس السحرية المستوحاة من الأساطير و الأفلام الكارتونية….هو يحتاج فقط لجرأة سياسية تصدح بالحق وتقبل التعاقد مع قيم المجتمع لتكون قادرة على تفعيل مسارات الحكومة الشعبية الحقيقية المنبثقة من حركية و نبض المجتمع .. لا تلك الشعبية المغروسة في مخيلة من استهواهم المكان و طابت لهم الفضاءات المخملية لتجعلهم يعضون عليها بالنواجد رغم تلويحهم بالاستقالة.
ما عساني أقول سوى… الله يعطينا و جهكم…!؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق