www.alaoual.com
في مجتمعاتنا التقليدية التي اصطدمت بالتقنية ، صدفة، أصبح من الممكن أن شخصا يحمل ثقافة محدودة و مستوى دراسي متدني أن يصير صحفيا و مستشارا و مدافعا عن قضية و طنية في حكومة، و صانعا للرأي العام. سلوك كهذا، هو نوع من ضرب لقيم المدرسة و الجامعة و المبادىء التي يتكون بها الحس السليم و الحس المشترك. لنطرح الأسئلة الجادة، فلقد أصبح الفيسبوك و المواقع الاجتماعية و القنوات الإذاعية و المسارح، والسينما، يصنعها شباب لا ثقافة لهم، غير اتباع الموضة. فالخطر قادم من هذه الوسائل التواصلية التي اقتحمها الجهل و الأمية و الوصاية والمناورة و المال. وإن لم يتصد لها المثقف، الأستاذ و الفيلسوف و المسرحي الملتزم و الممثل الذي يحمل رسالة، فإننا سنجد كل هؤلاء يتجاوزهم هذا الطوفان الحامل للجهل والتجهيل. ليس الأمر من تدبير شخص بعينه، يريد أن يحقق هذه الغايات، و إنما العصر، قد فتح له آفاقا رحبة و مساحة كبيرة للتعبير و التعبئة الجماعية، ودائما بوسائل التسلية و الصورة. لنستيقظ و ننظر للحقيقة المرة. من منا لم تبدأ حياته الشخصية تُقتحم بدون استئذان، و تٌساءل بوسائل الجهل، على شاشة التلفزيون وعبر الراديو وعلى الأنترنيت ؟ من منا لم يَحن للماضي، لعله يرى عملا فنيا مُتقنا، و سماع أغنية تطرب؟ الرأي العام لا يُشكل فحسب من خلال ما تقدمه الدولة أو تُدافع عنه، بل أصبح المجتمع المدني يشارك في صنع هذا الرأي العام. وإن ، في سنوات مضت ، كان يشكل (الحزب) اليساري أو اليميني هذا البديل للرأي العام، فاليوم هو كذلك، خاضع لتأثيرات الحس المٌشترك الذي لا يفقه، ولكنه بالمقابل أصبح يشكل أغلبية، فالأمية و الجهل بالأخلاق، وانعدام الإحساس بالمسؤولية، يشكلون أغلبية عددية، وذلك راجع لأسباب نُلخصها في العوامل التالية : ـ استقلالية المدرسة، و خضوعها لمبدأ النجاح العددي على حساب الجودة، ـ انعزالية المُثقف قبل الأوان، لأنه في المجتمعات المتقدمة ( الشاعر و السينمائي و الكاتب) لهم أدوار فنية و ليس سياسية، و لكنهم يؤثرون بذلك في الرأي العام بأعمالهم. في حين أن بلداننا لا وسائل لها لمسائلة العمل الفني أو قراءته، وكأنه بعد مُفارق للمجتمع، ـ أصبحت القيم الغربية الرأسمالية تؤثر على البنيات التقليدية للمجتمعات و تُفككها من دون أن تُبدلها، أو تُعوضها بشيء، فمثلا أصبحت قيمة ( الشباب) عملة سائدة و مُؤثرة في الاقتصاد الثقافي و السياسي لهذه المُجتمعات، لهذا تجد الشباب هم من يؤثرون في المجتمع بشكل مُباشر، من خلال قيم “ساقطة” و غايتها مادية محضة، و شعبوية، عن وعي أو بدون وعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق