الخميس، 1 ديسمبر 2016
الوصايا العشر الليبرالية.. عشر وصايا لبرتراند راسل حول التعلّم
يعد برتراند راسل واحدًا من أكثر المفكرين تنوعًا وتأثيرًا في التاريخ الحديث. وهو فيلسوف، وعالم رياضيات، ومؤرخ، وناقد اجتماعي بريطاني. وتعد فلسفته، خاصة الجزء المتعلق بالدين، هي التي شكلت الكثير من أعمال مفكرين لامؤلهين كبار مثل: كريستوفر هيتشنز، ودانيال دينيت، وريتشارد دوكينز.
في الجزء الثالث من سيرته الذاتية، نجد هذا النص الصغير والرائع. والذي من الممكن أن يعد “الوصايا العشر” للفكر الليبرالي. فهو يمثل رؤية حول مسئوليات المعلم، وفيه يتطرق راسل للعديد من المواضيع التي كانت تمثل إشكاليات فيما مضى مثل: الغرض من التعليم، قيمة عدم اليقين، أهمية التفكير النقدي، الانتقاد الذكي، وأكثر من ذلك.
ولقد ناقش هذه المسألة لأول مرة في 16 ديسمبر/ كانون الأول عام 1951، بمجلة نيويورك تايمز في نهاية مقال له بعنوان “أفضل رد على التعصب: الليبرالية”.
نص برتراند راسل
ربما يمكن تلخيص جوهر النظرة الليبرالية في وصايا عشر جديدة. ولا نية عندي في أن أستبدل بها الوصايا القديمة، ولكنني أريدها أن تكون دعمًا واستكمالًا لها. هذه الوصايا العشر التي يجب عليّ كمعلم إذاعتها على أكبر قدر ممكن من الناس، هي المنصوص عليها كما يلي:
1- لا تشعر أنك واثق على الإطلاق من أي شيء.
2- لا تفكر في أن تخفي الأدلة وأنت تمضي قدمًا في إنجاز شيء ما، لأنه بالتأكيد ستأتي لحظة وتظهر هذه الأدلة للنور من جديد.
3- لا تحاول أبدًا أن تحبط تفكيرك حول يقينك الداخلي بأنك سوف تنجح.
4- عندما تقابل معارضة، حتى لو كانت من شريك حياتك أو أطفالك، فحاول التغلب عليها بالحجة وليس بالسلطة. فالانتصار الذي يعتمد على السلطة غير واقعي ووهمي.
5- لا تقدس سلطات الآخرين، لأنك دائمًا ستجد تعارضًا فيما بينها.
6- لا تستخدم القوة من أجل قمع رأي تعتقد أنه فاسد ومؤذ. لأنك إن فعلت ذلك، ستجد الأمر نفسه يحدث مع رأيك، من قبل آراء الآخرين.
7- لا تخف أن تكون صاحب رأي مخالف للسائد. فالآراء المقبولة الآن كانت من قبل شاذة.
8- ابحث عنّ السعادة في المعارضة الذكية لا التأييد السلبي؛ لأنك لو قدّرت الذكاء بحق، فسوف تؤشر المعارضة الذكية باتفاق أعمق بكثير من التأييد السلبي.
9- كن صادقًا بحق، حتى لو كانت الحقيقة غير مريحة. لأن محاولة إخفاء الحقيقة ستكون بالتأكيد أمرًا غير مريح أكثر من كشفها.
10- لا تشعر بالغيرة من سعادة أولئك الذين يعيشون في جنة المغفلين. الأحمق فقط هو من يظن أن هذه سعادة.
الاثنين، 28 نوفمبر 2016
الاستراتيجيات العشر للتحكم بالشعوب ل"البروفيسور نعوم تشومسكي"
ديريكت تيفي
(1) استراتيجيّة الإلهاء: هذه الاستراتيجيّة عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، وهي تتمثل في تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة والتغييرات التي تقرّرها النّخب السياسية والإقتصاديّة، ويتمّ ذلك عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة. استراتيجيّة الإلهاء ضروريّة أيضا لمنع العامة من الإهتمام بالمعارف الضروريّة في ميادين مثل العلوم، الاقتصاد، علم النفس، بيولوجيا الأعصاب و علم الحواسيب. "حافظ على تشتّت اهتمامات العامة، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة. اجعل الشعب منشغلا، منشغلا، منشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقيّة الحيوانات." (مقتطف من كتاب أسلحة صامتة لحروب هادئة)
(2) ابتكر المشاكل ... ثم قدّم الحلول: هذه الطريقة تسمّى أيضا "المشكل - ردّة الفعل - الحل". في الأول نبتكر مشكلا أو "موقفا" متوقــَعا لنثير ردّة فعل معيّنة من قبل الشعب، و حتى يطالب هذاالأخير بالإجراءات التي نريده أن يقبل بها. مثلا: ترك العنف الحضري يتنامى، أو تنظيم تفجيرات دامية، حتى يطالب الشعب بقوانين أمنية على حساب حرّيته، أو: ابتكار أزمة مالية حتى يتمّ تقبّل التراجع على مستوى الحقوق الإجتماعية وتردّي الخدمات العمومية كشرّ لا بدّ منه.
(3) استراتيجيّة التدرّج: لكي يتم قبول اجراء غير مقبول، يكفي أن يتمّ تطبيقه بصفة تدريجيّة، مثل أطياف اللون الواحد (من الفاتح إلى الغامق)، على فترة تدوم 10 سنوات. وقد تم اعتماد هذه الطريقة لفرض الظروف السوسيو-اقتصاديّة الجديدة بين الثمانينات والتسعينات من القرن السابق: بطالة شاملة، هشاشة، مرونة، تعاقد خارجي ورواتب لا تضمن العيش الكريم، وهي تغييرات كانت ستؤدّي إلى ثورة لو تمّ تطبيقها دفعة واحدة.
(4) استراتيجيّة المؤجّــَـل: وهي طريقة أخرى يتم الإلتجاء إليها من أجل اكساب القرارات المكروهة القبول وحتّى يتمّ تقديمها كدواء "مؤلم ولكنّه ضروري"، ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق شيء ما في المستقبل. قبول تضحية مستقبلية يكون دائما أسهل من قبول تضحية حينيّة. أوّلا لأن المجهود لن يتم بذله في الحين، وثانيا لأن الشعب له دائما ميل لأن يأمل بسذاجة أن "كل شيء سيكون أفضل في الغد"، وأنّه سيكون بإمكانه تفادي التّضحية المطلوبة في المستقبل. وأخيرا، يترك كلّ هذا الوقت للشعب حتى يتعوّد على فكرة التغيير ويقبلها باستسلام عندما يحين أوانها.
(5) مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار: تستعمل غالبية الإعلانات الموجّهة لعامّة الشعب خطابا وحججا وشخصيات ونبرة ذات طابع طفولي، وكثيرا ما تقترب من مستوى التخلّف الذهني، وكأن المشاهد طفل صغير أو معوّق ذهنيّا. كلّما حاولنا مغالطة المشاهد، كلما زاد اعتمادنا على تلك النبرة. لماذا؟ "إذا خاطبنا شخصا كما لو كان طفلا في سن الثانية عشر، فستكون لدى هذا الشخص إجابة أو ردّة فعل مجرّدة من الحسّ النقدي بنفس الدرجة التي ستكون عليها ردّة فعل أو إجابة الطفل ذي الإثني عشر عاما." (مقتطف من كتاب أسلحة صامتة لحروب هادئة)
(6) استثارة العاطفة بدل الفكر: استثارة العاطفة هي تقنية كلاسيكية تُستعمل لتعطيل التّحليل المنطقي، وبالتالي الحسّ النقدي للأشخاص. كما أنّ استعمال المفردات العاطفيّة يسمح بالمرور للاّوعي حتّى يتمّ زرعه بأفكار، رغبات، مخاوف، نزعات، أو سلوكيّات.
(7) إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة: العمل بطريقة يكون خلالها الشعب غير قادر على استيعاب التكنولوجيات والطّرق المستعملة للتحكّم به واستعباده. "يجب أن تكون نوعيّة التّعليم المقدّم للطبقات السّفلى هي النوعيّة الأفقر، بطريقة تبقى إثرها الهوّة المعرفيّة التي تعزل الطّبقات السّفلى عن العليا غير مفهومة من قبل الطّبقات السّفلى" (مقتطف من كتاب أسلحة صامتة لحروب هادئة)
(8) تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة: تشجيع الشّعب على أن يجد أنّه من "الرّائع" أن يكون غبيّا، همجيّا و جاهلا
(9) تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب: جعل الفرد يظنّ أنّه المسؤول الوحيد عن تعاسته، وأن سبب مسؤوليّته تلك هو نقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته. وهكذا، عوض أن يثور على النّظام الإقتصادي، يقوم بامتهان نفسه ويحس بالذنب، وهو ما يولّد دولة اكتئابيّة يكون أحد آثارها الإنغلاق وتعطيل التحرّك. ودون تحرّك لا وجود للثورة!
(10) معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم: خلال الخمسين سنة الفارطة، حفرت التطوّرات العلميّة المذهلة هوّة لا تزال تتّسع بين المعارف العامّة وتلك التي تحتكرها وتستعملها النّخب الحاكمة. فبفضل علوم الأحياء، بيولوجيا الأعصاب وعلم النّفس التّطبيقي، توصّل "النّظام" إلى معرفة متقدّمة للكائن البشري، على الصّعيدين الفيزيائي والنّفسي. أصبح هذا "النّظام" قادرا على معرفة الفرد المتوسّط أكثر ممّا يعرف نفسه، وهذا يعني أنّ النظام - في أغلب الحالات - يملك سلطة على الأفراد أكثر من تلك التي يملكونها على أنفسهم.
الاثنين، 21 نوفمبر 2016
أتهم الدولة المغربية بالتدمير الممهنج للمدرسة العمومية ـ اسماعيل فائز
عن أنفاس نت
من بين الأسئلة التي يراد لها أن تظل في طي الكتمان، وأن تبقى في منطقة اللامفكر فيه : هل الدولة فعلا تملك إرادة حقيقية لإصلاح التعليم (العمومي خاصة) ؟ هل تنظر الدولة حقا إلى التعليم كحق إنساني، و كأساس لتنمية بشرية مستدامة وحقيقة ؟
في اعتقادي أن "الدولة" تتعامل مع المدرسة العمومية بمنطق الاستهتار واللامبالاة إلى حد يثير الغثيان. فما هي المؤشرات التي تؤكد هذا القول؟
فرض المرسومين المشؤومين مع بداية الموسم الدراسي السابق، دون الأخذ بعين الاعتبار ما سيخلفه ذلك من آثار سلبية على نفسية الأساتذة المتدربين، وحجم المعاناة المادية والمعنوية التي تجرعوها، وهم المقبلون على دخول غمار مهنة التعليم، بما يعيشه من أزمات في مجتمعنا.
لقد كان من المفروض أن توفر الدولة لهذه الفئة الشروط الموضوعية التي تيسر مهمتهم، وتجعلهم يقبلون عليها بالكثير من الفخر والإعتزاز.
على خلاف ذلك شاهد الكل كيف نكلت "الدولة" بالأساتذة المتدربين، وأذاقتهم ويلات القمع والتفقير.
وبعد أن تم إيجاد حلول ترقيعية للأزمة. انضافت إلى المحن السابقة محنة تحمل الضغط الناجم عن تكديس التكوين النظري في بضع أسابيع. لتبدأ بعد ذلك محنة تحمل مسؤولية الفصول الدراسية، دون تلقي التدريب الميداني (مع ما يعنيه ذلك من ضغط أكبر).
في اعتقادي أن "الدولة" تتعامل مع المدرسة العمومية بمنطق الاستهتار واللامبالاة إلى حد يثير الغثيان. فما هي المؤشرات التي تؤكد هذا القول؟
فرض المرسومين المشؤومين مع بداية الموسم الدراسي السابق، دون الأخذ بعين الاعتبار ما سيخلفه ذلك من آثار سلبية على نفسية الأساتذة المتدربين، وحجم المعاناة المادية والمعنوية التي تجرعوها، وهم المقبلون على دخول غمار مهنة التعليم، بما يعيشه من أزمات في مجتمعنا.
لقد كان من المفروض أن توفر الدولة لهذه الفئة الشروط الموضوعية التي تيسر مهمتهم، وتجعلهم يقبلون عليها بالكثير من الفخر والإعتزاز.
على خلاف ذلك شاهد الكل كيف نكلت "الدولة" بالأساتذة المتدربين، وأذاقتهم ويلات القمع والتفقير.
وبعد أن تم إيجاد حلول ترقيعية للأزمة. انضافت إلى المحن السابقة محنة تحمل الضغط الناجم عن تكديس التكوين النظري في بضع أسابيع. لتبدأ بعد ذلك محنة تحمل مسؤولية الفصول الدراسية، دون تلقي التدريب الميداني (مع ما يعنيه ذلك من ضغط أكبر).
أضف إلى ذلك المعاناة المادية الناجمة عن تقليص المنحة، والامتناع عن صرف التعويضات التي وعد بها الأساتذة. علما أن هذه الخطوة هي أشبه ما تكون بسرقة أجورهم المستحقة.وهاهي تفعل الشيء نفسه (القمع والاللامبالاة) مع خريجي البرنامج الحكومي 10000 إطار. فهل هذه دولة تحترم نساء ورجال التعليم؟ ألا تقدم بهذا دليلا ناصعا على مدى احتقارها للمدرسة العمومية؟
لن تتوقف جرائم الدولة بحق التعليم العمومي عند هذا الحد. بل ستلجأ إلى ابتداع "الكونطرا" في التعليم. وضرب الحق في الترسيم، وولوج الوظيفة العمومية. وهي إجراءات تستهدف أبناء وبنات الشعب.
ومما زاد الطينة بلة سعي "الدولة" إلى توظيف أساتذة بدون تكوين. وكأن التدريس مهمة يمكن القيام بها كيفما اتفق. وكأن الدولة تعطينا دليلا آخرا يفيد أن التعليم بالنسبة لها ليس إلا قطاعا غير منتج وجب التخلي عنه. (وقد سبق لرئيس الحكومة ان صرح بهذا الأمر دون استحياء في الذكرى الخمسين لتأسيس البنك الافريقي للتنمية بالرباط).
أليست الرسالة التي تريد "الدولة" أن تبعث بها إلى آباء وأمهات التلاميذ هي "ادفعوا من جيوبكم أكثر إن أردتم تعليم أبنائكم وبناتكم" " عليكم بالمدارس الخصوصية فهي سبيلكم الوحيد للنجاة بأبنائكم وبناتكم ؟ (مع العلم أن تمويل التعليم العمومي يتم من جيوب دافعي الضرائب وليس مجانيا كما يروج ).
نحن إذن أمام سياسة ممنهجة لتدمير المدرسة العمومية، وتقديم هدايا مجانية للتعليم الخصوصي. فما اهي بعض المؤشرات التي تعزز هذا الإتهام ؟
- إغلاق حوالي 200 مدرسة عمومية منذ سنة 2008. (وتفويت بعضها إلى مدارس وكليات خاصة)
- إرتفاع نسبة التعليم الخصوصي إلى 14 بالمائة سنة 2014، التي لم تكن تتجاوز حدود 9 بالمائة سنة 1999.(تتحدث بعض الدراسات عن ارتفاع هذه النسبة سنة 2038 إلى 90 بالمائة مما ينذر باندثار المدرسة العمومية).
- تقديم تحفيزات مادية للمدارس الخاصة، مع قروض بنكية بنسب فائدة منخفضة. ناهيك عن الإعفاءات الضريبية (وهذا ما تقر به الرؤية الاستراتيجية للإصلاح نفسها).
- في هذا الإطار أيضا يدخل مشروع فصل التكوين عن التوظيف بهدف تكوين اساتذة من المال العام، ثم الدفع بها للعمل في المدارس الخصوصية (دون أن تسهم ماديا في تكوينهم).
- الخصاص المهول في الأطر الإدارية والتربوية (تم تقديره من طرف بعض الدراسات ب 30000أستاذ(ة) سنة 2015) الشيء الذي يتم تداركه بآليات ترقيعية (حذف بعض المواد الدراسية- الأقسام المشتركة...). وينتج عن ذلك الاكتظاظ الذي يضع يؤثر سلبا على العملية التعليمية التعلمية. كما يضع الأسر أمام حلين أحلاهما مر : الإنخراط في "موضة" التعليم الخصوصي أو الاستسلام للأمر الواقع. مادام بناء المدرسة العمومية ذات الجودة يتطلب إرادة سياسية للدولة قبل كل شيء.
- من المبادئ التي رفعت كشعار لإصلاح المنظومة التعليمية (منذ عقود): التوحيد والتعريب والمجانية ومغربة الأطر التعليمية. لم يتحقق إلا المبدأ الأخير. أما المبادئ الأخرى فقد ذهبت أدراج الرياح.
- هناك توجه قوي للتراجع عن مجانية التعليم (الذي ليس كذلك في الحقيقة مادم المواطن يموله من الضرائب المباشرة وغير المباشرة التي يدفعها). وهذا واضح في ارتفاع تكاليف التسجيل بالثانوي التأهيلي مثلا. وفرض رسوم للتسجيل بالتعليم العالي (كما تنادي بذلك الرؤية الاستراتيجية للإصلاح ). وواضح أيضا في توجهات الحكومة التي ما فتئت تنظر للقطاعات الاجتماعية باعتبارها عبئا وجب على الدولة التخلص منه.
- التخبط الواضح فيما يخص مسألة لغات التدريس. فالتعريب اقتصر على التعليم الثانوي ادون أن يشمل التعليم العالي. والآن هناك توجه آخر لتدريس المواد العلمية بالفرنسية. مع ضروة استحضار الصراع الخفي بين أنصار الفرانكوفونية، والتوجه الأنجلوساسكوني، ودون نسيان التيارت المحافظة التي تزعم الدفاع عن اللغة العربية (مع أن أبناءهم يدرسون في مدارس البعثات الأجنبية...).
- الأرقام المهولة عن الهدر المدرسي ( أزيد من مليون طفل تتراوح أعمارهم ما بين التاسعة والرابعة عشرة، خارج أسوار المدرسة. حوالي 400 ألف طفل يتركون مقاعد الدراسة سنويا).
- ضعف البنية التحتية للكثير من المؤسسات التعليمية، وافقتادها لشروط التمدرس (اهتراء القاعات الدراسية - غياب المراحيض والكهرباء والماء....خاصة بالوسط القروي).
- استمرار ظاهرة الأمية التي تخترق المجتمع ككل (حوالي 10 ملايين مغربي يعانون من الأمية ).
والأمر من ذلك أن جل (إن لم أقل كل) الفاعلين القائمين على تدبير شؤون التعليم العمومي ( الوزراء- أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين - النواب البرلمانيون...) لببلادنا لا يدرسون أبناءهم في المدرسة العمومية. فكيف يمكن أن نأمل منهم خيرا ؟
- شيئا فشئيا يتحول التعليم إلى امتياز (حصري لأبناء الطبقة القادرة على دفع تكاليف مدارس البعثات الاجنبية والمدارس الخصوصية خمس نجوم). ويكف عن أن يكون حقا من حقوق الإنسان. الأمر الذي يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ المغاربة، ويقوض أحد أسس العدالة الاجتماعية.
- هناك توجه واضح - في مشاريع الإصلاح التي يروج لها- نحو تكريس ما يسمى ب"المدرسة المقاولاتية". وتثمين التكوين المهني على حساب التعليم العام. بغرض توفير يد عاملة مؤهلة مهنيا وتقنيا (ورخيصة أيضا) لخدمة المصالح المادية لأرباب الشركات، وتلبية جشع الرأسمالية المتوحشة. وحتى يتم إحكام السيطرة على هذه اليد العاملة فمن الضروري فصلها عن العلوم الإنسانية والفلسفة (وما احتقار وزير التعليم العالي الداودي للشعب الأدبية إلا مؤشر على ذلك)، التي يمكن أن تقدم لهم أدوات فهم وتحليل وتفسير للواقع الاجتماعي والإنساني.
باختصار المطلوب تكوين "مختصصين أغبياء" بتعبير الفيلسوف إدغار موران.
السؤال الذي يصعب علينا جميعا التفكير فيه هو : ماهي التكلفة المادية والاجتماعية التي ستنجم عن التدمير المتواصل للمدرسة العمومية؟ والسؤال الذي ينبغي إثارته أيضا: من المستفيد من وراء تدمير المدرسة العمومية؟
لن تتوقف جرائم الدولة بحق التعليم العمومي عند هذا الحد. بل ستلجأ إلى ابتداع "الكونطرا" في التعليم. وضرب الحق في الترسيم، وولوج الوظيفة العمومية. وهي إجراءات تستهدف أبناء وبنات الشعب.
ومما زاد الطينة بلة سعي "الدولة" إلى توظيف أساتذة بدون تكوين. وكأن التدريس مهمة يمكن القيام بها كيفما اتفق. وكأن الدولة تعطينا دليلا آخرا يفيد أن التعليم بالنسبة لها ليس إلا قطاعا غير منتج وجب التخلي عنه. (وقد سبق لرئيس الحكومة ان صرح بهذا الأمر دون استحياء في الذكرى الخمسين لتأسيس البنك الافريقي للتنمية بالرباط).
أليست الرسالة التي تريد "الدولة" أن تبعث بها إلى آباء وأمهات التلاميذ هي "ادفعوا من جيوبكم أكثر إن أردتم تعليم أبنائكم وبناتكم" " عليكم بالمدارس الخصوصية فهي سبيلكم الوحيد للنجاة بأبنائكم وبناتكم ؟ (مع العلم أن تمويل التعليم العمومي يتم من جيوب دافعي الضرائب وليس مجانيا كما يروج ).
نحن إذن أمام سياسة ممنهجة لتدمير المدرسة العمومية، وتقديم هدايا مجانية للتعليم الخصوصي. فما اهي بعض المؤشرات التي تعزز هذا الإتهام ؟
- إغلاق حوالي 200 مدرسة عمومية منذ سنة 2008. (وتفويت بعضها إلى مدارس وكليات خاصة)
- إرتفاع نسبة التعليم الخصوصي إلى 14 بالمائة سنة 2014، التي لم تكن تتجاوز حدود 9 بالمائة سنة 1999.(تتحدث بعض الدراسات عن ارتفاع هذه النسبة سنة 2038 إلى 90 بالمائة مما ينذر باندثار المدرسة العمومية).
- تقديم تحفيزات مادية للمدارس الخاصة، مع قروض بنكية بنسب فائدة منخفضة. ناهيك عن الإعفاءات الضريبية (وهذا ما تقر به الرؤية الاستراتيجية للإصلاح نفسها).
- في هذا الإطار أيضا يدخل مشروع فصل التكوين عن التوظيف بهدف تكوين اساتذة من المال العام، ثم الدفع بها للعمل في المدارس الخصوصية (دون أن تسهم ماديا في تكوينهم).
- الخصاص المهول في الأطر الإدارية والتربوية (تم تقديره من طرف بعض الدراسات ب 30000أستاذ(ة) سنة 2015) الشيء الذي يتم تداركه بآليات ترقيعية (حذف بعض المواد الدراسية- الأقسام المشتركة...). وينتج عن ذلك الاكتظاظ الذي يضع يؤثر سلبا على العملية التعليمية التعلمية. كما يضع الأسر أمام حلين أحلاهما مر : الإنخراط في "موضة" التعليم الخصوصي أو الاستسلام للأمر الواقع. مادام بناء المدرسة العمومية ذات الجودة يتطلب إرادة سياسية للدولة قبل كل شيء.
- من المبادئ التي رفعت كشعار لإصلاح المنظومة التعليمية (منذ عقود): التوحيد والتعريب والمجانية ومغربة الأطر التعليمية. لم يتحقق إلا المبدأ الأخير. أما المبادئ الأخرى فقد ذهبت أدراج الرياح.
- هناك توجه قوي للتراجع عن مجانية التعليم (الذي ليس كذلك في الحقيقة مادم المواطن يموله من الضرائب المباشرة وغير المباشرة التي يدفعها). وهذا واضح في ارتفاع تكاليف التسجيل بالثانوي التأهيلي مثلا. وفرض رسوم للتسجيل بالتعليم العالي (كما تنادي بذلك الرؤية الاستراتيجية للإصلاح ). وواضح أيضا في توجهات الحكومة التي ما فتئت تنظر للقطاعات الاجتماعية باعتبارها عبئا وجب على الدولة التخلص منه.
- التخبط الواضح فيما يخص مسألة لغات التدريس. فالتعريب اقتصر على التعليم الثانوي ادون أن يشمل التعليم العالي. والآن هناك توجه آخر لتدريس المواد العلمية بالفرنسية. مع ضروة استحضار الصراع الخفي بين أنصار الفرانكوفونية، والتوجه الأنجلوساسكوني، ودون نسيان التيارت المحافظة التي تزعم الدفاع عن اللغة العربية (مع أن أبناءهم يدرسون في مدارس البعثات الأجنبية...).
- الأرقام المهولة عن الهدر المدرسي ( أزيد من مليون طفل تتراوح أعمارهم ما بين التاسعة والرابعة عشرة، خارج أسوار المدرسة. حوالي 400 ألف طفل يتركون مقاعد الدراسة سنويا).
- ضعف البنية التحتية للكثير من المؤسسات التعليمية، وافقتادها لشروط التمدرس (اهتراء القاعات الدراسية - غياب المراحيض والكهرباء والماء....خاصة بالوسط القروي).
- استمرار ظاهرة الأمية التي تخترق المجتمع ككل (حوالي 10 ملايين مغربي يعانون من الأمية ).
والأمر من ذلك أن جل (إن لم أقل كل) الفاعلين القائمين على تدبير شؤون التعليم العمومي ( الوزراء- أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين - النواب البرلمانيون...) لببلادنا لا يدرسون أبناءهم في المدرسة العمومية. فكيف يمكن أن نأمل منهم خيرا ؟
- شيئا فشئيا يتحول التعليم إلى امتياز (حصري لأبناء الطبقة القادرة على دفع تكاليف مدارس البعثات الاجنبية والمدارس الخصوصية خمس نجوم). ويكف عن أن يكون حقا من حقوق الإنسان. الأمر الذي يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ المغاربة، ويقوض أحد أسس العدالة الاجتماعية.
- هناك توجه واضح - في مشاريع الإصلاح التي يروج لها- نحو تكريس ما يسمى ب"المدرسة المقاولاتية". وتثمين التكوين المهني على حساب التعليم العام. بغرض توفير يد عاملة مؤهلة مهنيا وتقنيا (ورخيصة أيضا) لخدمة المصالح المادية لأرباب الشركات، وتلبية جشع الرأسمالية المتوحشة. وحتى يتم إحكام السيطرة على هذه اليد العاملة فمن الضروري فصلها عن العلوم الإنسانية والفلسفة (وما احتقار وزير التعليم العالي الداودي للشعب الأدبية إلا مؤشر على ذلك)، التي يمكن أن تقدم لهم أدوات فهم وتحليل وتفسير للواقع الاجتماعي والإنساني.
باختصار المطلوب تكوين "مختصصين أغبياء" بتعبير الفيلسوف إدغار موران.
السؤال الذي يصعب علينا جميعا التفكير فيه هو : ماهي التكلفة المادية والاجتماعية التي ستنجم عن التدمير المتواصل للمدرسة العمومية؟ والسؤال الذي ينبغي إثارته أيضا: من المستفيد من وراء تدمير المدرسة العمومية؟
الاثنين، 24 أكتوبر 2016
أهمية العلاقة بين الأسرة و المدرسة ـ محمد أبحير
عن أمفاس نت
يتجدد النقاش في كل دخول مدرسي جديد حول العلاقة بين الأسرة و المدرسة ، نظرا للوشائج القائمة بينهما ، فمن المعلوم أن تربية الناشئة عملية مركبة ومعقدة تسهم فيها العديد من المؤسسات / الأوساط ، فالبيت يعد أول "مدرسة" ينشأ فيها الطفل ويتأدب بآدابها ، والأم أول معلم له يحبه ويطيعه ويحاكيه[1] . لهذا فطنت وزارات التربية و التعليم إلى العلاقة الوطيدة بين الأسرة و المدرسة ، فمما لا شك فيه أن العملية التعليمية - التعلمية عملية تشاركية و مسؤولية جماعية بين المدرسة و الأسرة .
1 – تحديدات مفهومية :
1 . 1 – مفهوم المدرسة :
يعرف المعجم الموسوعي لعلوم التربية مفهوم " المدرسة " بقوله : " [ إن ] المعنى العام لكلمة مدرسة اليوم يطلق على المؤسسة التي أسست للاضطلاع بالتعليم الجماعي للأطفال . وتتكون المدرسة من متعلمين و معلمين و إداريين على رأسهم مدير المدرسة "[2].
كما تعتبر المدرسة مؤسسة اجتماعية تؤدي مهمة التربية و نقل التراث الثقافي إلى الأجيال ولا تقف وظيفتها في نقل المعارف و التدريب على المهارات بل تتعداها إلى اكتساب الأنماط السلوكية و المفاهيم و الأسس الايديولوجية لتراث المجتمع ، ويرتكز دور المدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال على مجموعة من العوامل أبرزها : البناء الاجتماعي و التفاعلات الاجتماعية بداخلها[3] .
1 – تحديدات مفهومية :
1 . 1 – مفهوم المدرسة :
يعرف المعجم الموسوعي لعلوم التربية مفهوم " المدرسة " بقوله : " [ إن ] المعنى العام لكلمة مدرسة اليوم يطلق على المؤسسة التي أسست للاضطلاع بالتعليم الجماعي للأطفال . وتتكون المدرسة من متعلمين و معلمين و إداريين على رأسهم مدير المدرسة "[2].
كما تعتبر المدرسة مؤسسة اجتماعية تؤدي مهمة التربية و نقل التراث الثقافي إلى الأجيال ولا تقف وظيفتها في نقل المعارف و التدريب على المهارات بل تتعداها إلى اكتساب الأنماط السلوكية و المفاهيم و الأسس الايديولوجية لتراث المجتمع ، ويرتكز دور المدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال على مجموعة من العوامل أبرزها : البناء الاجتماعي و التفاعلات الاجتماعية بداخلها[3] .
1 . 2 – مفهوم الأسرة :
يشير المعجم الموسوعي لعلوم التربية إلى " تعدد التعاريف التي قدمها علماء الاجتماع وعلماء الأنثربولوجيا وعلماء التربية لظاهرة الأسرة . [ف]لقد ورد في المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن الأسرة هي الخلية الطبيعية و الأساسية في المجتمع ، ولها حق التمتع بحماية المجتمع و الدولة "[4] .
إضافة إلى ما ذكر" تعد الأسرة بنية اجتماعية أساسية في البناء الاجتماعي العام ، ولها وظائف متعددة داخل الجسم المجتمعي . وهي مؤسسة اجتماعية تضم على الأقل رجلا و امرأة تضم بينهما رابطة الزواج ، وإمكانية التساكن و إنجاب الأولاد "[5] .
ونظرا لأهمية الأسرة و منزلتها في المجتمع ، فإنها تعتبر من " أكثر مؤسسات التنشئة الاجتماعية أهمية ، ففيها يتم التفاعل بين النمو و التعلم "[6] ، إضافة إلى أنها " منظمة اجتماعية تتميز ببعض الصفات منها قلة الحجم و كونها تعد حجر الزاوية في إصلاح النظم الاجتماعية ولها تأثير مباشر في التنشئة الاجتماعية في مراحل الحياة "[7] .
2 – وظائف الأسرة و المدرسة :
تضطلع الأسرة و المدرسة بوظائف ومهام متعددة ، تبدأ من توفير الغذاء و الكساء و العناية الصحية للطفل ، إضافة إلى مساعدته على التحصيل الدراسي وتنمية قدراته و الرقي بخبراته وهلم جرا .
2 . 1 – وظائف الأسرة :
إن المجتمع الأول الذي يتربى فيه الطفل هو المجتمع العائلي المكون من الأم و الأب والإخوة و الأخوات .... إلا أن وظيفة هذا المجتمع ( الأسرة ) " ظلت باستمرار وظيفة بيولوجية و نفسية و اجتماعية و ثقافية "[8] ، إلا أن الملاحظة الميدانية تقر بأن العديد من الأسر تلخص مهامها في الوظيفة البيولوجية وتوفير الحاجيات المادية للطفل لا غير .
ويمكن تفصيل القول في وظائف الأسرة كما يأتي[9] :
- تقوم الأسرة بوظيفة الإنجاب للحفاظ على بقاء الجنس البشري و استمراره .
- تقوم الأسرة ببناء ووضع الخصائص و الصفات الإنسانية في الفرد بمجرد ولادته .
- تحقق الأسرة للفرد العديد من الحاجات الأساسية لنموه وتطوره ، وعلى رأس هذه الحاجات المحافظة على حياته وتوفير الأمن و السلامة لضمان وجوده وبقائه ... ويتعلم العديد من المهارات ليحقق أفضل تكيف مع بيئته .
بينما يحصر عبد الحميد لطفي في كتابه " علم الاجتماع " وظائف الأسرة فيما يأتي[10] :
- تعتبر الأسرة المكان الطبيعي لنشأة العقائد الدينية واستمرارها .
- تعتبر الأسرة المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل لغته القومية ، كما أنها لاتزال مسؤولة إلى حد كبير عن التنشئة و التوجيه ، وتشاركها هذه المسؤولية النظم التعليمية الموجودة في المجتمع .
- تعتبر الأسرة بالنسبة للطفل مدرسته الأولى التي يتلقى فيها مبادئ التربية الاجتماعية و السلوك وآداب المحافظة على الحقوق و القيام بالواجبات .
إن التذكير بهذه الوظائف يضع حدا فاصلا بين الحق و الواجب ، من خلال تذكير الأسر ( آباء و أمهات و أولياء ) بما لها وما عليها ، إذ – غالبا - ما يتم الإسهاب في الحديث عن الحقوق ، وفي المقابل يتم نسيان الواجبات .
2 . 2 – وظائف المدرسة :
يتمثل دور المدرسة في أنها " تسهم مع البيت في مهمة مساعدة الأطفال على النمو الذهني و البدني و الانفعالي و الاجتماعي وتزداد أهمية الدور الذي تقوم المدرسة به في نمو شخصية الطفل بازدياد تحرره من البيت "[11] .
كما تتحدد الوظيفة الأساس للمدرسة في " التربية و التعليم ، فهما عملهما ومن أجلهما وجدت "[12] ، إذ ليس عمل المدرسة مقصورا على تزويد الطفل بشتى المعلومات المختلفة وأنواع المهارة المطلوبة كما يتبادر إلى الذهن ... بل إن وظيفتها تفوق ذلك بكثير من خلال العمل على تربية الفرد كله وترقية كل مواهبه واستعداداته و إيقاظ ميوله الخاصة و العامة و تدريب سلوكه وتعديله تعديلا يجعله ملائما للحياة الاجتماعية العامة "[13] ، إذ لا تنحصر وظيفة الأستاذ في بناء المعارف داخل الفصل الدراسي ، و إنما ينظر إليه باعتباره مربيا وحارسا للأخلاق و السلوك .
ويرى بعض الباحثين التربويين أن للمدرسة ثلاث وظائف أساسية هي : الاستكمال و التصحيح و التنسيق "[14] :
- المدرسة أداة استكمال : الوظيفة الأولى هي استكمال ما تقوم به سائر المؤسسات من الأعمال التربوية ، وأول ما يجول في الخاطر بهذا الشان أن المدرسة تستكمل ما بدأ به البيت من تربية الولد .
- المدرسة أداة تصحيح : أي تصحيح الأخطاء التربوية التي قد ترتكبها المؤسسات الأخرى ، فإن كان هناك نقص تلافته ، أو كان فراغ ملأته
- المدرسة أداة تنسيق : فهي تنسق الجهود التي تبذلها سائر المؤسسات في سبيل تربية الولد ، وتظل على اتصال دائم بتلك المؤسسات ، لترشدها إلى أفضل الأساليب التربوية ، وتتعاون معها على تنشئة الجيل الجديد أحسن تنشئة .
3 – أفق العلاقة بين الأسرة و المدرسة :
إن العلاقة بين الأسرة و المدرسة لا تقتصر على بناء جسور التواصل بينهما ، وإنما تتجاوز ذلك إلى تحمل كل مؤسسة مسؤولياتها تجاه ناشئتنا ، إذ " إن كلا من المدرسة و البيت يرمي إلى غرض واحد ويعمل لغاية واحدة هي تربية الطفل ( المتعلم ) وإعداده للحياة الناشطة السامية خير إعداد ، ولذا يجب أن يكون كل منهما على اتصال وثيق بالآخر يعاونه على القيام بعمله النبيل "[15] .
3 . 1 – واجبات الأسرة :
لكي يتحقق التضامن و التآزر بين الأسرة و المدرسة ، وجب على الآباء و الأمهات وأولياء الأمور الاعتناء بما يأتي[16] :
- الاعتناء بالبيت ونظامه و الحياة فيه .
- الاعتناء بصحة الاطفال الجسمية و العقلية ، وبأخلاقهم ، فلايتساهلون معهم ويدللونهم ، ولا يقسون عليهم .
- الاهتمام بالطفل وعاداته من الوجهة الاجتماعية ، ولاسيما في أوقات فراغه ، وعطلاته المدرسية .
- احترام المدرسة و المدرسين الاحترام الكافي ، فلا يصدر منهم من الانتقاد و اللوم ما يقلل من شأنها في عين الطفل .
- العناية بتقارير المدرسة المرسلة إليهم .
- عدم التدخل في شؤون المدرسة .
3 . 2 – واجبات المدرسة :
يمكن حصر واجبات المدرسة في المسائل الآتية[17] :
- أن تبدل جهدها في تعليم الآباء أنفسهم وتوقيفهم على ما يجب عليهم نحو أبنائهم ونحو المدارس ( دور جمعيات الآباء و أولياء التلاميذ ) .
- دعوة الآباء و الأولياء إلى حفلات خاصة بهم ، ليعقد فيها التعارف بين المدرسين و آباء التلاميذ ليتحدثوا جميعا في شؤون أبنائهم .
- بعث تقارير إلى الآباء عم مدى تقدم أبنائهم أو تأخرهم في المواد المختلفة ، وفي الأخلاق و السلوك و النشاط المدرسي .
- زيارة المتعلمين في بيوتهم إذا اقتضت الضرورة بقصد الوقوف على بيئاتهم المنزلية .
3 . 3 – علاقات التأثير و التأثر بين الأسرة و المدرسة :
* الأسرة :
يتأثر تحصيل المتعلم ومستوى طموحه وغيرهما ، بالمستوى التعليمي و الاقتصادي و الاجتماعي للاسرة ، ولمزيد من التوضيح سنسرد بعض المعوقات التي تؤثر في الصحة النفسية للمتعلم و تعرقل مساره التحصيلي داخل المؤسسة التعليمية[18] :
- التفكك الأسري : مثل إدمان أحد الوالدين للمخدرات ومدى تأثير ذلك على المتعلم في المدرسة .
- معيشة الطفل مع أحد الوالدين و افتقاره إلى عطف الآخر وحمايته .
- تعارض التيارات وتنازع الأهواء في الأسرة وتفضيل الذكر على الأنثى .
- تهديد المتعلم في المنزل بالذهاب إلى المدرسة للتشنيع عليه أمام المدرسين وأمام زملائه كلما أخطأ ، يجعله ينظر إلى المدرسة وكأنها خطر يهدد بالعقوبة و الألم يتذكرها ويحاول الهرب منها .
- الضعف العام : فضعف صحة المتعلم الجسمية كثيرا ما تعوقه عن التقدم الدراسي .
* المدرسة :
إن تاثر المدرسة بالأجواء داخل الأسرة أمر واقع ، فـ " كثيرا ما يقف المربون بين آن و آخر ليذكروا انفسهم بأن الطفل كثيرا ما يتاثر بعوامل التربية خارج جدران الفصل أكثر من داخله ، وهم دائما يسلمون بأنه يتأثر تربويا بخبرته خارج الفصل كما يتأثر بتلك الخبرات داخله ، ولكن قد تكون المؤثرات التربوية خارج جدران الفصل أكثر أهمية لمستقبل الفرد من الخبرات داخله "[19] .
ومن علامات تأثر المدرسة بالأوضاع داخل الأسرة :
- إن حسن عمل المدرسة ومدى نجاحها يتوقفان إلى حد كبير على عمل البيت ونظامه ، ونوع الحياة التي يحياها المتعلم فيه ، فعناية المدرسة بالأحوال الخلقية و الأدبية كثيرا ما يفسدها عليها حال البيت وإهماله[20] .
- لكي يكون عمل المدرسة ناجعا ، وأثرها دائما في تكوين المتعلم وجب أن توثق الصلة بينها وبين البيت ، وأن تتعرف أحوال المتعلم وسلوكه ومعيشته قبل أن يأتي إليها ، وأحواله الخارجية أثناء وجوده بها[21] ، والهدف من وراء ذلك هو محاولة التعرف على ما خفي على المدرسة من حياة المتعلم .
4 – خاتمة :
ملاك الأمر ، إن التواصل بين الأسرة و المدرسة لهو مطلب ضروري نحن في أمس الحاجة إليه ، إذ " على الرغم من قيام المدرسة كمؤسسة اختصاصية ، فإن البيت لا يفقد صفته التربوية ، بل يظل محافظا عليها ، يمد إلى المدرسة يد المعونة كلما اقتضت الحاجة ، فيكون الإثنان متكافلين متضامنين فيما يتعلق بتربية الولد "[22] .
كما أن التكامل بين الأسرة و المدرسة رهين مجموعة من المتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية وغيرها ، فـ " التحدي الحقيقي الذي تواجهه الأسرة في العصر المعلوماتي وعصر القنوات الفضائية ... يتجلى في دورها الرئيسي في أن تظل بمثابة القلعة و القاعدة التي يحتمي بها الطفل ضمانا لتوفير الأمن و الاطمئنان و الدعم العاطفي اللازم لنموه السوي في عصر مادي متغير "[23] .
لهذا ، فالأسرة مدعوة إلى إعادة الاعتبار لدورها في التربية وتحصين الأبناء من تدخلات الأب الثالث ( الاعلام / الانترنت ) ، كما أن جمعيات الآباء و أولياء التلاميذ مطالبة بتفعيل أدوارها وتجاوز الصبغة المقاولاتية التي وسمت بها .
[1] أصول التربية وفن التدريس ، أمين مرسي قنديل ، دار الكتاب ، الدار البيضاء ، ط : 1 ، 1375 / 1955 ، 1 / 66 .
[2] المعجم الموسوعي لعلوم التربية ، د أحمد أوزي ، منشورات مجلة علوم التربية ، العدد : 14 ، 2006 ، ص : 227 .
[3] مؤسسات التربية الاجتماعية و التنشئة الاجتماعية ، ملحق تربية وتعليم ، جريدة بيان اليوم ، 2 مارس 2004 ، ص : 7 .
[4] المعجم الموسوعي لعلوم التربية ، ص : 40 .
[5] نفسه ، ص : 30.
[6] مؤسسات التربية الاجتماعية و التنشئة الاجتماعية ، ص : 7 .
[7] نفسه ، ص : 7 .
[8] المعجم الموسوعي لعلوم التربية ، ص : 30 .
[9] نفسه ، ص : 30 .
[10] علم الاجتماع ، عبد الحميد لطفي ، دار النهضة العربية ، بيروت ، 1981 ، ص : 126 .
[11] المدرسة و الأسرة و الصحة النفسية لأبنائنا ، د كلير فهيم ، كتاب الهلال ، العدد : 396 ، 1404 / 1983 ، ص : 9 .
[12] أصول التربية و فن التدريس ، ص : 70 .
[13] نفسه ، ص : 70 و 71 .
[14] الوعي التربوي ومستقبل البلاد العربية ، تأليف جماعي ، دار العلم للملايين ، ط : 4 ، بيروت ، 1978 ، ص : 304 وما بعدها .
[15] أصول التربية و فن التدريس ، ص : 74 .
[16] انظر المرجع السابق ، ص : 75 .
[17] أصول التربية وفن التدريس ، ص : 75 و 76 .
[18] انظر : الأسرة و المدرسة ، ص : 101 وما بعدها .
[19] التربية الحديثة ، ص : 42 .
[20] انظر : أصول التربية وفن التدريس .ص : 71 .
[21] نفسه ، ص : 74 .
[22] الوعي التربوي ، .ص : 305 .
[23] المعجم الموسوعي لعلوم التربية ، ص : 31 .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)