عن أمفاس نت
يتجدد النقاش في كل دخول مدرسي جديد حول العلاقة بين الأسرة و المدرسة ، نظرا للوشائج القائمة بينهما ، فمن المعلوم أن تربية الناشئة عملية مركبة ومعقدة تسهم فيها العديد من المؤسسات / الأوساط ، فالبيت يعد أول "مدرسة" ينشأ فيها الطفل ويتأدب بآدابها ، والأم أول معلم له يحبه ويطيعه ويحاكيه[1] . لهذا فطنت وزارات التربية و التعليم إلى العلاقة الوطيدة بين الأسرة و المدرسة ، فمما لا شك فيه أن العملية التعليمية - التعلمية عملية تشاركية و مسؤولية جماعية بين المدرسة و الأسرة .
1 – تحديدات مفهومية :
1 . 1 – مفهوم المدرسة :
يعرف المعجم الموسوعي لعلوم التربية مفهوم " المدرسة " بقوله : " [ إن ] المعنى العام لكلمة مدرسة اليوم يطلق على المؤسسة التي أسست للاضطلاع بالتعليم الجماعي للأطفال . وتتكون المدرسة من متعلمين و معلمين و إداريين على رأسهم مدير المدرسة "[2].
كما تعتبر المدرسة مؤسسة اجتماعية تؤدي مهمة التربية و نقل التراث الثقافي إلى الأجيال ولا تقف وظيفتها في نقل المعارف و التدريب على المهارات بل تتعداها إلى اكتساب الأنماط السلوكية و المفاهيم و الأسس الايديولوجية لتراث المجتمع ، ويرتكز دور المدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال على مجموعة من العوامل أبرزها : البناء الاجتماعي و التفاعلات الاجتماعية بداخلها[3] .
1 – تحديدات مفهومية :
1 . 1 – مفهوم المدرسة :
يعرف المعجم الموسوعي لعلوم التربية مفهوم " المدرسة " بقوله : " [ إن ] المعنى العام لكلمة مدرسة اليوم يطلق على المؤسسة التي أسست للاضطلاع بالتعليم الجماعي للأطفال . وتتكون المدرسة من متعلمين و معلمين و إداريين على رأسهم مدير المدرسة "[2].
كما تعتبر المدرسة مؤسسة اجتماعية تؤدي مهمة التربية و نقل التراث الثقافي إلى الأجيال ولا تقف وظيفتها في نقل المعارف و التدريب على المهارات بل تتعداها إلى اكتساب الأنماط السلوكية و المفاهيم و الأسس الايديولوجية لتراث المجتمع ، ويرتكز دور المدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال على مجموعة من العوامل أبرزها : البناء الاجتماعي و التفاعلات الاجتماعية بداخلها[3] .
1 . 2 – مفهوم الأسرة :
يشير المعجم الموسوعي لعلوم التربية إلى " تعدد التعاريف التي قدمها علماء الاجتماع وعلماء الأنثربولوجيا وعلماء التربية لظاهرة الأسرة . [ف]لقد ورد في المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن الأسرة هي الخلية الطبيعية و الأساسية في المجتمع ، ولها حق التمتع بحماية المجتمع و الدولة "[4] .
إضافة إلى ما ذكر" تعد الأسرة بنية اجتماعية أساسية في البناء الاجتماعي العام ، ولها وظائف متعددة داخل الجسم المجتمعي . وهي مؤسسة اجتماعية تضم على الأقل رجلا و امرأة تضم بينهما رابطة الزواج ، وإمكانية التساكن و إنجاب الأولاد "[5] .
ونظرا لأهمية الأسرة و منزلتها في المجتمع ، فإنها تعتبر من " أكثر مؤسسات التنشئة الاجتماعية أهمية ، ففيها يتم التفاعل بين النمو و التعلم "[6] ، إضافة إلى أنها " منظمة اجتماعية تتميز ببعض الصفات منها قلة الحجم و كونها تعد حجر الزاوية في إصلاح النظم الاجتماعية ولها تأثير مباشر في التنشئة الاجتماعية في مراحل الحياة "[7] .
2 – وظائف الأسرة و المدرسة :
تضطلع الأسرة و المدرسة بوظائف ومهام متعددة ، تبدأ من توفير الغذاء و الكساء و العناية الصحية للطفل ، إضافة إلى مساعدته على التحصيل الدراسي وتنمية قدراته و الرقي بخبراته وهلم جرا .
2 . 1 – وظائف الأسرة :
إن المجتمع الأول الذي يتربى فيه الطفل هو المجتمع العائلي المكون من الأم و الأب والإخوة و الأخوات .... إلا أن وظيفة هذا المجتمع ( الأسرة ) " ظلت باستمرار وظيفة بيولوجية و نفسية و اجتماعية و ثقافية "[8] ، إلا أن الملاحظة الميدانية تقر بأن العديد من الأسر تلخص مهامها في الوظيفة البيولوجية وتوفير الحاجيات المادية للطفل لا غير .
ويمكن تفصيل القول في وظائف الأسرة كما يأتي[9] :
- تقوم الأسرة بوظيفة الإنجاب للحفاظ على بقاء الجنس البشري و استمراره .
- تقوم الأسرة ببناء ووضع الخصائص و الصفات الإنسانية في الفرد بمجرد ولادته .
- تحقق الأسرة للفرد العديد من الحاجات الأساسية لنموه وتطوره ، وعلى رأس هذه الحاجات المحافظة على حياته وتوفير الأمن و السلامة لضمان وجوده وبقائه ... ويتعلم العديد من المهارات ليحقق أفضل تكيف مع بيئته .
بينما يحصر عبد الحميد لطفي في كتابه " علم الاجتماع " وظائف الأسرة فيما يأتي[10] :
- تعتبر الأسرة المكان الطبيعي لنشأة العقائد الدينية واستمرارها .
- تعتبر الأسرة المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل لغته القومية ، كما أنها لاتزال مسؤولة إلى حد كبير عن التنشئة و التوجيه ، وتشاركها هذه المسؤولية النظم التعليمية الموجودة في المجتمع .
- تعتبر الأسرة بالنسبة للطفل مدرسته الأولى التي يتلقى فيها مبادئ التربية الاجتماعية و السلوك وآداب المحافظة على الحقوق و القيام بالواجبات .
إن التذكير بهذه الوظائف يضع حدا فاصلا بين الحق و الواجب ، من خلال تذكير الأسر ( آباء و أمهات و أولياء ) بما لها وما عليها ، إذ – غالبا - ما يتم الإسهاب في الحديث عن الحقوق ، وفي المقابل يتم نسيان الواجبات .
2 . 2 – وظائف المدرسة :
يتمثل دور المدرسة في أنها " تسهم مع البيت في مهمة مساعدة الأطفال على النمو الذهني و البدني و الانفعالي و الاجتماعي وتزداد أهمية الدور الذي تقوم المدرسة به في نمو شخصية الطفل بازدياد تحرره من البيت "[11] .
كما تتحدد الوظيفة الأساس للمدرسة في " التربية و التعليم ، فهما عملهما ومن أجلهما وجدت "[12] ، إذ ليس عمل المدرسة مقصورا على تزويد الطفل بشتى المعلومات المختلفة وأنواع المهارة المطلوبة كما يتبادر إلى الذهن ... بل إن وظيفتها تفوق ذلك بكثير من خلال العمل على تربية الفرد كله وترقية كل مواهبه واستعداداته و إيقاظ ميوله الخاصة و العامة و تدريب سلوكه وتعديله تعديلا يجعله ملائما للحياة الاجتماعية العامة "[13] ، إذ لا تنحصر وظيفة الأستاذ في بناء المعارف داخل الفصل الدراسي ، و إنما ينظر إليه باعتباره مربيا وحارسا للأخلاق و السلوك .
ويرى بعض الباحثين التربويين أن للمدرسة ثلاث وظائف أساسية هي : الاستكمال و التصحيح و التنسيق "[14] :
- المدرسة أداة استكمال : الوظيفة الأولى هي استكمال ما تقوم به سائر المؤسسات من الأعمال التربوية ، وأول ما يجول في الخاطر بهذا الشان أن المدرسة تستكمل ما بدأ به البيت من تربية الولد .
- المدرسة أداة تصحيح : أي تصحيح الأخطاء التربوية التي قد ترتكبها المؤسسات الأخرى ، فإن كان هناك نقص تلافته ، أو كان فراغ ملأته
- المدرسة أداة تنسيق : فهي تنسق الجهود التي تبذلها سائر المؤسسات في سبيل تربية الولد ، وتظل على اتصال دائم بتلك المؤسسات ، لترشدها إلى أفضل الأساليب التربوية ، وتتعاون معها على تنشئة الجيل الجديد أحسن تنشئة .
3 – أفق العلاقة بين الأسرة و المدرسة :
إن العلاقة بين الأسرة و المدرسة لا تقتصر على بناء جسور التواصل بينهما ، وإنما تتجاوز ذلك إلى تحمل كل مؤسسة مسؤولياتها تجاه ناشئتنا ، إذ " إن كلا من المدرسة و البيت يرمي إلى غرض واحد ويعمل لغاية واحدة هي تربية الطفل ( المتعلم ) وإعداده للحياة الناشطة السامية خير إعداد ، ولذا يجب أن يكون كل منهما على اتصال وثيق بالآخر يعاونه على القيام بعمله النبيل "[15] .
3 . 1 – واجبات الأسرة :
لكي يتحقق التضامن و التآزر بين الأسرة و المدرسة ، وجب على الآباء و الأمهات وأولياء الأمور الاعتناء بما يأتي[16] :
- الاعتناء بالبيت ونظامه و الحياة فيه .
- الاعتناء بصحة الاطفال الجسمية و العقلية ، وبأخلاقهم ، فلايتساهلون معهم ويدللونهم ، ولا يقسون عليهم .
- الاهتمام بالطفل وعاداته من الوجهة الاجتماعية ، ولاسيما في أوقات فراغه ، وعطلاته المدرسية .
- احترام المدرسة و المدرسين الاحترام الكافي ، فلا يصدر منهم من الانتقاد و اللوم ما يقلل من شأنها في عين الطفل .
- العناية بتقارير المدرسة المرسلة إليهم .
- عدم التدخل في شؤون المدرسة .
3 . 2 – واجبات المدرسة :
يمكن حصر واجبات المدرسة في المسائل الآتية[17] :
- أن تبدل جهدها في تعليم الآباء أنفسهم وتوقيفهم على ما يجب عليهم نحو أبنائهم ونحو المدارس ( دور جمعيات الآباء و أولياء التلاميذ ) .
- دعوة الآباء و الأولياء إلى حفلات خاصة بهم ، ليعقد فيها التعارف بين المدرسين و آباء التلاميذ ليتحدثوا جميعا في شؤون أبنائهم .
- بعث تقارير إلى الآباء عم مدى تقدم أبنائهم أو تأخرهم في المواد المختلفة ، وفي الأخلاق و السلوك و النشاط المدرسي .
- زيارة المتعلمين في بيوتهم إذا اقتضت الضرورة بقصد الوقوف على بيئاتهم المنزلية .
3 . 3 – علاقات التأثير و التأثر بين الأسرة و المدرسة :
* الأسرة :
يتأثر تحصيل المتعلم ومستوى طموحه وغيرهما ، بالمستوى التعليمي و الاقتصادي و الاجتماعي للاسرة ، ولمزيد من التوضيح سنسرد بعض المعوقات التي تؤثر في الصحة النفسية للمتعلم و تعرقل مساره التحصيلي داخل المؤسسة التعليمية[18] :
- التفكك الأسري : مثل إدمان أحد الوالدين للمخدرات ومدى تأثير ذلك على المتعلم في المدرسة .
- معيشة الطفل مع أحد الوالدين و افتقاره إلى عطف الآخر وحمايته .
- تعارض التيارات وتنازع الأهواء في الأسرة وتفضيل الذكر على الأنثى .
- تهديد المتعلم في المنزل بالذهاب إلى المدرسة للتشنيع عليه أمام المدرسين وأمام زملائه كلما أخطأ ، يجعله ينظر إلى المدرسة وكأنها خطر يهدد بالعقوبة و الألم يتذكرها ويحاول الهرب منها .
- الضعف العام : فضعف صحة المتعلم الجسمية كثيرا ما تعوقه عن التقدم الدراسي .
* المدرسة :
إن تاثر المدرسة بالأجواء داخل الأسرة أمر واقع ، فـ " كثيرا ما يقف المربون بين آن و آخر ليذكروا انفسهم بأن الطفل كثيرا ما يتاثر بعوامل التربية خارج جدران الفصل أكثر من داخله ، وهم دائما يسلمون بأنه يتأثر تربويا بخبرته خارج الفصل كما يتأثر بتلك الخبرات داخله ، ولكن قد تكون المؤثرات التربوية خارج جدران الفصل أكثر أهمية لمستقبل الفرد من الخبرات داخله "[19] .
ومن علامات تأثر المدرسة بالأوضاع داخل الأسرة :
- إن حسن عمل المدرسة ومدى نجاحها يتوقفان إلى حد كبير على عمل البيت ونظامه ، ونوع الحياة التي يحياها المتعلم فيه ، فعناية المدرسة بالأحوال الخلقية و الأدبية كثيرا ما يفسدها عليها حال البيت وإهماله[20] .
- لكي يكون عمل المدرسة ناجعا ، وأثرها دائما في تكوين المتعلم وجب أن توثق الصلة بينها وبين البيت ، وأن تتعرف أحوال المتعلم وسلوكه ومعيشته قبل أن يأتي إليها ، وأحواله الخارجية أثناء وجوده بها[21] ، والهدف من وراء ذلك هو محاولة التعرف على ما خفي على المدرسة من حياة المتعلم .
4 – خاتمة :
ملاك الأمر ، إن التواصل بين الأسرة و المدرسة لهو مطلب ضروري نحن في أمس الحاجة إليه ، إذ " على الرغم من قيام المدرسة كمؤسسة اختصاصية ، فإن البيت لا يفقد صفته التربوية ، بل يظل محافظا عليها ، يمد إلى المدرسة يد المعونة كلما اقتضت الحاجة ، فيكون الإثنان متكافلين متضامنين فيما يتعلق بتربية الولد "[22] .
كما أن التكامل بين الأسرة و المدرسة رهين مجموعة من المتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية وغيرها ، فـ " التحدي الحقيقي الذي تواجهه الأسرة في العصر المعلوماتي وعصر القنوات الفضائية ... يتجلى في دورها الرئيسي في أن تظل بمثابة القلعة و القاعدة التي يحتمي بها الطفل ضمانا لتوفير الأمن و الاطمئنان و الدعم العاطفي اللازم لنموه السوي في عصر مادي متغير "[23] .
لهذا ، فالأسرة مدعوة إلى إعادة الاعتبار لدورها في التربية وتحصين الأبناء من تدخلات الأب الثالث ( الاعلام / الانترنت ) ، كما أن جمعيات الآباء و أولياء التلاميذ مطالبة بتفعيل أدوارها وتجاوز الصبغة المقاولاتية التي وسمت بها .
[1] أصول التربية وفن التدريس ، أمين مرسي قنديل ، دار الكتاب ، الدار البيضاء ، ط : 1 ، 1375 / 1955 ، 1 / 66 .
[2] المعجم الموسوعي لعلوم التربية ، د أحمد أوزي ، منشورات مجلة علوم التربية ، العدد : 14 ، 2006 ، ص : 227 .
[3] مؤسسات التربية الاجتماعية و التنشئة الاجتماعية ، ملحق تربية وتعليم ، جريدة بيان اليوم ، 2 مارس 2004 ، ص : 7 .
[4] المعجم الموسوعي لعلوم التربية ، ص : 40 .
[5] نفسه ، ص : 30.
[6] مؤسسات التربية الاجتماعية و التنشئة الاجتماعية ، ص : 7 .
[7] نفسه ، ص : 7 .
[8] المعجم الموسوعي لعلوم التربية ، ص : 30 .
[9] نفسه ، ص : 30 .
[10] علم الاجتماع ، عبد الحميد لطفي ، دار النهضة العربية ، بيروت ، 1981 ، ص : 126 .
[11] المدرسة و الأسرة و الصحة النفسية لأبنائنا ، د كلير فهيم ، كتاب الهلال ، العدد : 396 ، 1404 / 1983 ، ص : 9 .
[12] أصول التربية و فن التدريس ، ص : 70 .
[13] نفسه ، ص : 70 و 71 .
[14] الوعي التربوي ومستقبل البلاد العربية ، تأليف جماعي ، دار العلم للملايين ، ط : 4 ، بيروت ، 1978 ، ص : 304 وما بعدها .
[15] أصول التربية و فن التدريس ، ص : 74 .
[16] انظر المرجع السابق ، ص : 75 .
[17] أصول التربية وفن التدريس ، ص : 75 و 76 .
[18] انظر : الأسرة و المدرسة ، ص : 101 وما بعدها .
[19] التربية الحديثة ، ص : 42 .
[20] انظر : أصول التربية وفن التدريس .ص : 71 .
[21] نفسه ، ص : 74 .
[22] الوعي التربوي ، .ص : 305 .
[23] المعجم الموسوعي لعلوم التربية ، ص : 31 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق