الأربعاء، 9 مارس 2016

التربية البيئية..ترف أم ضرورة إنسانية ؟ - ذ. حميد بن خيبش

عن أنفاس نت


مجددا يبدو التربويون مسؤولين إلى حد كبير عما يعتري الأرض من تلف بيئي و خلل في التوازن الطبيعي , و تراجع في مستوى نوعية الحياة .
فإبداع البدائل الصناعية , والمخططات التنموية , و الأنشطة الاقتصادية الموالية للبيئة يظل قاصرا دون تحقيق  مصالحة بين الانسان و بيئته , ما لم تصحبه ضرورة تشكيل وعي بيئي يسهم في تعديل السلوك البشري و يموقع الذات الانسانية مجددا في خانة الاندماج الكلي مع الطبيعة .
إن قضية البيئة قضية تربوية وسلوكية/ مجتمعية , وهو ما يفسر الحضور المبكر للبعد التربوي في سلسلة اللقاءات الدولية حول البيئة .فإذا كان مؤتمر استوكهولم  1972 علامة فارقة في الفكر البيئي , فقد شكل تقرير المؤتمر الدولي للبيئة في تبيليسي 1977 منطلقا للبحث عن الصيغ الكفيلة بالادماج الفاعل للتربية البيئية في المنظومة التربوية الدولية .
وبما أن تحديد مدلول التربية البيئية شرط ضروري لوضع تصور استراتيجي متكامل لإدماجها في المسار التعليمي ,  فقد تعددت مدلولاتها تبعا لتباين الرؤى و التصورات حول مدلول البيئة نفسها , وللمستجدات المطروحة على مستوى الندوات العلمية و الحلقات الدراسية . فبينما يحصرها بعض الباحثين في دراسة العناصر المؤلفة للمنظومة الطبيعية " ماء, هواء, كائنات حية"  يؤكد البعض الآخر أن البعد الحضاري لهذه التربية يستلزم رؤية أعمق ,تستحضر التاثير المتبادل بين المحيط البيئي و إفرازات النشاط الانساني ,وتحيل بالضرورة على الجانب الأخلاقي والسلوكي .
1- تعريف الدكتور غازي ابو شقرا :
" التربية البيئية هي عملية تكوين القيم و الاتجاهات و المهارات و المدركات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات المعقدة التي تربط الانسان و حضارته بمحيطه الحيوي , والتدليل على حتمية المحافظة على المصادر البيئية الطبيعية , وضرورة استغلالها الشريد لصالح الانسان و حفاظا على حياته الكريمة و رفع مستوى معيشته " (1)
2- تعريف الدكتور ابراهيم مطاوع :
" التربية البيئية نمط من التعليم ينظم علاقة الانسان ببيئته الطبيعية و الاجتماعية و النفسية , مستهدفا إكساب الاطفال و الشباب خبرة تعليمية, و اتجاهات وقيم خاصة لمشكلات بيئية تضبط سلوك الفرد إزاء الموارد البيئية ,بحيث تصبح الفعالية و الايجابية سمة بارزة في سلوك الفرد " (2)
3- تعريف المنظمة العربية للتربية و العلوم و الثقافة 1987 :
" التربية البيئية منهاج لإكساب القيم و توضيح المفاهيم التي تهدف الى تنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط بين الانسان و ثقافته وبيئته الطبيعية و الحيوية و تعنى بالتمرس في عملية اتخاذ القرارات ووضع قانون للسلوك بشأن المسائل المتعلقة بنوعية البيئة "  (3)
يتضح من خلال التعريفات الثلاث أن التربية البيئية ليست مدخلا علميا مستقلا عن السياق التعليمي , بل رؤية متكاملة مع باقي مكونات المعرفة المكتسبة . فسعيها نحو إكساب قيم و اتجاهات وخبرات تعليمية موالية للبيئة , وتعويد الناشئة على بدائل سلوكية تخفف من وطأة التدهور البيئي متسق الى حد كبير مع غايات ومرامي أي نظام تربوي من منطلق أن التربية – أي تربية- تروم في النهاية تعديل السلوك الانساني . وهو ما يدفعنا الى الجزم بأن فشل بعض برامج التربية البيئية وثيق الصلة بتخلف و تردي الانظمة التربوية القائمة , وعجزها عن خلق التفاعل المطلوب بين اتجاه الفرد و سلوكه , و تمكينه من المعينات البيداغوجية و المعرفية التي تؤهله للانخراط  الايجابي في حل معضلات مجتمعه .
* نحو تصور متكامل
لا يمكن إرساء وعي بيئي لدى الناشئة دون استحضار – مضمر أو صريح – للخلفية الثقافية التي توجه سلوك الانسان حيال الطبيعة و تتحمل مسؤولية الازمة البيئية المعاصرة .
فالعقل الغربي يستمد موقفه تجاه الطبيعة من الموروث الفكري اليوناني الذي ينبني على تصور عدائي قوامه تدجين الطبيعة وقهرها للانتفاع بخيراتها ,دون الالتفات لما يترتب عن ذلك من آثار سلبية . و ساهمت التيارات الفكرية الحديثة من اشتراكية و ليبرالية وغيرها في تغذية هذا التصور  ,بتأكيدها على مركزية الوجود البشري , و الحق الانساني المطلق و اللامحدود في استغلال الموارد الطبيعية ,و السيطرة على المحيط البيئي .
أما العقل الاسلامي  فيستمد موقفه من نصوص ربانية , و إشارات نبوية هادية تلزمه بالقصد و الاعتدال , و تحثه على النهوض الأمثل بواجب الاستخلاف .
فمبدأ التسخير الذي يتكرر في آيات قرآنية عديدة يشير الى أن كل المخلوقات خادمة للوجود الانساني و موجهة لتحقيق حاجياته .
أما مبدأ الاستخلاف فيتضمن مسؤولية الفرد تجاه محيطه , و أن  له حرية التصرف في أمور الأرض دون مجاوزة حد الاعتدال و التوسط  .
بينما تتسع دائرة " الإفساد في الأرض" لتشمل كل ضرر أو عبث يطال مكونات الوجود , ويصبح الزجر " الشرعي" حائلا دون هدر " الرأسمال البيئي" .
بل يذهب النص الديني إلى أبعد من ذلك حين يُلفت الانتباه إلى المظهر الجمالي في المخلوقات , و يحث الانسان على تذوق الجمال و ممارسته في الحياة اليومية " قوله صلى الله عليه وسلم : إن الله جميل يحب الجمال" , وهو ما يدفعنا الى الجزم بأن الأزمة البيئية المعاصرة في دول العالم النامي أزمة "مستوردة" , ومثال صارخ على السعي الحثيث لدى العالم المتقدم إلى تصريف عاهاته و خيباته و أوبئته خارج حدوده !
فبعد المؤتمر العالمي للتنمية الصناعية الذي عقد في البيرو عام 1975 , و الذي نص على تحديد حصة العالم النامي من إجمالي الانتاج الصناعي  " حوالي % 25" بدأت آثار التلف البيئي الناتج عن التصنيع تظهر في أكثر من دولة نامية ,ليتبين فيما بعد أن الأمر يتعلق بمخطط لتوطين الصناعات الملوثة في هذه البلدان !
* نحو تربية بيئية..فاعلة
إن الغاية  المثلى من إدماج التربية البيئية في المسار التعليمي هي تعديل السلوك الانساني إزاء البيئة , و التحسيس بمخاطر التمادي في استنزاف خيرات الطبيعة . وهي غاية لا يمكن للبديل الصناعي أن يحققها , يقول الدكتور" أنطونيو مورينو" مدير معهد البيئة في جامعة بارما الايطالية " (( إن البحث عن الوسائل التقنية الملائمة التي من شأنها تحسين الاوضاع البيئية يخنق الادراك الواعي بضرورة مراجعة جذرية للسلوك الانساني على الصعيد التصوري أو المفاهيمي و الاخلاقي/السلوكي . هذا السلوك الذي يعكس مذهب سيطرة الانسان المطلقة على الطبيعة )) (4) .
فالتشجيع على استخدام التقنيات البديلة في النشاط الاقتصادي , و الاستثمار في معدات درء الأخطار البيئية ,و مراعاة السلامة البيئية عند تشييد و تشغيل المنشآت الصناعية لا يمكنه أن يحد من التدخل غير العقلاني و غير المنضبط للانسان في إفناء عناصر الحياة , إن لم يصاحبه مجهود تربوي يتيح التطوير المتوازن لشخصية الطفل , ويهيء له إقامة علاقة منسجمة مع الوسط الطبيعي  .
ومن خلال استقراء واقع الحضور البيئي في الممارسة التربوية بالوطن العربي يتبين غلبة الطابع الاحتفالي / الرمزي على الأنشطة البيئية , وارتباطها زمنيا بمناسبات بيئية محدودة " يوم الأرض مثلا" . فحملات التشجير الموسمية, ومعارض رسوم الأطفال قاصرة عن إرساء الوعي البيئي اللازم لمواجهة التحديات و الأخطار المقبلة . أما بعض التجارب الرائدة في مجال ترسيخ الثقافة البيئية كتجربة " المدرسة الايكولوجية" بالمغرب , و المدعمة من طرف مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة , فهي بحاجة الى عدة تربوية متكاملة لجعل المدرسة فضاء نموذجيا لإشاعة السلوك الموالي للبيئة .
ومن التدابير المقترحة في هذا الصدد لإحداث النقلة النوعية المطلوبة :

التركيز في البرامج الدراسية على  اقتراح الحلول و البدائل الممكنة للمشاكل البيئية بدل الاكتفاء بتنمية الوعي .
التدرج في ادخال المعطيات العلمية و ادماج المستجدات بشكل دقيق يراعي النمو المعرفي للطفل ,ويعزز مواقفه تجاه محيطه البيئي
اعتماد أسلوب الملاحظة المباشرة في دراسة المعطى البيئي , و هو ما يتطلب تكثيف الزيارات الميدانية للمرافق البيئية, وإجراء حصص تعليمية في الهواء الطلق , وربط المعارف المقدمة بإشكالية بيئية ذات صلة بمحيط المؤسسة  " اجتثات الغابة , تصحر, نضوب الموارد المائية..." .
استعراض التجارب الناجحة في مجال تحقيق التوازن بين طرفي المعادلة الصعبة : مواصلة استغلال الموارد الطبيعية  دون الاخلال بتوازن المنظومة البيئية .
دعم التربية الأخلاقية بالنظر إلى الصلة الوطيدة بين الحفاظ على البيئة و بعض المشاعر الإيجابية كالأمانة و الصدق والولاءوالمواطنة, والتربية على المسؤولية.
* على سبيل الختم:
إن عالمية الخطر البيئي تلقي على كاهل التربويين مسؤولية جسيمة تتجلى في تنشئة وإعداد جيل "أخضر" يسعى إلى تحقيق "حضارة بدوية" تضمن تعلقه المستمربالبيئة وتفاعله الإيجابي معها أخذا وعطاء, وتجنبه الاختناق بإفرازات الثورة  التكنولوجية .
يقول الدكتور أسامة الخولي " ما يفعله الفرد أو يمتنع عن الإتيان به هو بدوره حصاد فكره أي تعليمه و ثقافته وقيمه المكتسبة , والتربويون هم صانعو هذا الفكر وهذه القيم " (5)

ــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :
(1) د.غازي أبو شقرا  : " التربية البيئية في الدول العربية"  ص10
(2) د. ابراهيم  عصمة مطاوع  : "التربية البيئية في الوطن العربي" (1995)
(3)التربية البيئية في مناهج التعليم العام للوطن العربي :  المنظمة العربية للتربية و    العلوم و الثقافة  1987
(4) د.انطونيو مورينو " الرؤية الشمولية في مجال التربية البيئية" ص 321
(5) د. أسامة الخولي " البيئة و قضايا التنمية و التصنيع " ص 35

الثلاثاء، 8 مارس 2016

خذوا هذا العيد وأعطوني إنسانيتي كل العام! – آمال جناح

عن موقع أخبركم

لعل الكل تتبع بغير قليل من الدهشة و بكثير من الازدراء خبر الدورة التدريبية المنعقدة بالرياض بعنوان “هل المرأة إنسان؟ ” ؛ الحقيقة أنه بغض النظر عما قد يحمله هذا التساؤل من دلالات قدحية إلا أنه يلامس جوهر المسكوت عنه في إشكاليات معالجة موضوع المرأة و ربما المطلب الحقيقي و المنصف لها…
إن أقصى ما يتمناه الشخص من نضالاته الحقوقية هو أن يعامل كإنسان كامل الحقوق ولو أن المعاناة حين تتفاقم فإن الرغبة في البقاء في عمقها تتضخم كغريزة فطرية حيوانية مما يجعل صوت الإنسان يخفت تحت وطأة العنف فيولد عنفا مضادا قد يتحول إلى صراع حيواني لا يعدله و يصوبه نحو الآدمية سوى مقدار ما يحمله المرء من قيم و ما تقدمه القوانين من ردع للمعتدين و من حماية للمعتدى على حقوقهم.
وإذا كنا سنجتهد في البحث عن حقوق المرأة في هذه القوانين فلن نضل إذا قلنا أنها تعامل المرأة و الرجل من حيث المبدأ على قدم المساواة، كما لا يمكننا أن نتغاضى عن كون الإسلام كان السباق لمعاملة النساء بالتمييز الإيجابي من خلال الاعتراف لهن بحقوقهن و الحرص على صحتهن النفسية من خلال طيب المعاملة و اللين معهن حتى أنه كره لهن الحزن…
وإذا كان الأصل في القانون في العالم هو المساواة باعتبار إنسانية كل من الذكر و الأنثى فإنني أجد نفسي مظطرة للقول إن المرأة تعامل مع ذلك في بعض الحالات بغير إنصاف و بغير آدمية و لعل السبب الرئيسي هو الذهنية الجماعية التي تسلم بقابلية المرأة لتغدو ملكية للرجل كما أن القانون يزكي هذا الامتلاك و يصك عليه فصوله، إذ أن القانون الجنائي لا يعتبر القتل في جرائم الشرف جريمة قتل عادية و يخفض العقوبات من الإعدام و السجن المؤبد إلى خمس سنوات سجن فأقل…
وإذا كان لا يختلف اثنان حول مدى قسوة الخيانة و فتكها بالعقل فإن مع ذلك اعتبار جريمة الشرف مغتفرة منا جميعا لأننا في مجتمع يرفض الخيانة و يعظم قيمة الشرف و الحفاظ على الطهر لنسائنا و فتياتنا و يحرص عليها و هو أمر حميد لا شك في ذلك، إلا أنه يسائلنا في العمق حول مدى صدقنا بخصوص التشبث بهذه القيم و حرصنا على حماية أسرنا من الفواحش إذا كنا لم نستطع أن نخرج قانونا لحيز الوجود ليحمينا من مرحلة المبتدأ قبل أن نصل للمنتهى الذي يتجسد في الخيانة و القتل و أقصد مشروع قانون التحرش الجنسي الذي أقبر للأسف!
إن المجتمع الذي لا يغفر الخيانة و يبيح غسلها بالقتل لا يرى في التحرش جريمة يعاقب عليها القانون هو غريب المنهج هش المعتقد!
لأن الموضوع على ما يبدو ليس هو الانتصار للشرف و إنما انتصار للملكية فالمرأة ما دامت مصكوكة بملك الزوج فالشرف رفيع واجب الدفاع عنه؛ أما الحرة بغير ذلك فلا بأس من مراودتها عن نفسها و عرقلة حريتها الإنسانية في التحرك و التجول لأن لا مالك لها يثأر منها و لا لها…
فإذا كانت قرينة تحرير العبيد من الامتلاك هو إنسانيتهم التي لا تبيح الاستعباد فهل المرأة في هذه الحالة إنسان!؟
إن إقبار مشروع قانون التحرش الجنسي يفضح فصامنا و زيف تشبثنا بالقيم التي نتغنى بها كمجتمعات محافظة؛ كما أن مجرد النطق بهكذا قانون تحت هذه التسمية يجعله فاحشة فما بال التعرض لها…
إن الذهنية الجماعية التي تضغط بثقل الممنوع المرغوب بشدة هي التي تفتك بحقوق الإنسان في هذا الباب؛ إذ تتعفف الكثير من النساء و بعض الرجال أيضا من تسجيل شكاياتهم و البوح بهذا الشكل من الاضطهاد تفاديا لاستعمال ذلك الوصف المخزي “التحرش الجنسي” و الحال أننا لم نستطع أن نحمي الإنسان من الحيوان فينا…
هذه هي الحقيقة إننا فشلنا في وضع قانون يحبس الحيوان الذي يرخي غرائزه لكي يتربص بالإنسان لأننا قلمنا قيمنا و جعلنا للشرف مفهوما قاصرا لا يتجاوز قفص ملكية أحدهم و فتحنا العين على الخبر و تعامينا عن المبتدأ في جرائمه!
إن ما تتعرض له المرأة من اضطهاد يومي تحت تأثير عقلية جماعية ذكورية تحملها نساؤنا و رجالنا( بل بعض النساء أشد قهرا للنساء من الرجال) ينفي عنها في بعض الأحيان إنسانيتها و يجعل أقصى ما يمكن ان تطالب به هو أن تعامل كإنسان.
إن المعاناة بعيدة عن التصنيفات وجهها هو تارة المرأة و تارة الرجل…ليس للمعاناة هوية جنسية…فقط يعاني الإنسان…
لهذا أقول لكم إني أتنازل عن هويتي المؤنثة عن طيب خاطر خذوا هذا العيد و أعطوني إنسانيتي كل العام!

يمشي على الجمر شبل


شوارع المخيم

شوارع المخيم .. تغص بالصور
شهيدنا تكلم .. فأنطق الحجر
في كل بيت عرس .. ودمعتان
ميعادنا في القدس .. مهما نعاني
لاتلبسُ السواد .. أُم المكارم
فموته ميلاد .. والفجر قادم
لانقبل العزاء .. ولانزايد
إبنُ الشهيد جاء .. يا شعبُ عاهد
الوطن البعيد .. نحن فداه
من يكرم الشهيد يتبع خطاه

اليوم العالمي للمرأة:احتفال وقضايا.

عن وجدة سيتي


شكلت المرأة على ممر العصور حجر الزاوية داخل الأسرة،لما تمثله من دورفاعل في استمرار البشرية وتعاقب أجيالها،وإذا كانت المرأة في الجاهلية الأولى ،ورغم هذا الدورمهمشة، لاتراعى لها حرمة ولاتنال أي اعتبار،بحيث وصل الأمر إلى وأدها وهي لما تزل صغيرة مخافة العار،فقد جاء الإسلام وعزز مكانتها وحفظ لها بالتالي حقوقها كاملة غير منقوصة. وتزامنا مع تطور المجتمعات،واضطرار المرأة إلى الخروج إلى معترك الحياة إما عاملة أو متسوقة أو لقضاء مآرب شتى ،فقد باتت المرأة والوضعية هاته، معرضة للكثير من الإكراهات، والتي قد تتنافى وطبيعتها الأنثوية،مثل التحرشات اللاأخلاقية والعنف وهلم جرا.ولعل هذا ما لم تقبله المرأة بطبيعة الحال ،ومن هنا بدأ الاحتجاج والتصدي لكل أشكال الظلم. وإن شئنا أن ننبش في التاريخ،فيمكن القول إن رد فعل النساء قد بدأ منذ زمن بعيد ،وبالضبط في 1857 حيث خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، وتحت ضغط النضالات والمسيرات المستمرة، نجحت النساء في دفع المسؤولين السياسيين إلى الالتفات إلى مشكلة المرأة العاملة. وفي الثامن من مارس من سنة 1908 عادت الآلاف من النساء العاملات للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك  حيث طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. ، وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم للمرأة الأمريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909، وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة، وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة. غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا سنوات طويلة بعد ذلك لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة. فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس. وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن. ونحن المغاربة إسوة بدول العالم نحيي هذا اليوم العالمي كل سنة، نحتفل فيه بالمرأة المغربية،وهي مناسبة للالتفات إلى العنصر النسوي وتفقد أحواله وتصويب كل الاختلالات التي تعرقل مساهمة نسائنا في قطار التنمية،ليس بالشعارات فقط كما دأبت على ذلك بعض الجمعيات التي نصبت نفسها مدافعة عن المرأة،وإنما بالنضال المستمرمن أجل أن تتبوأ المرأة المكانة التي تستحقها داخل المجتمع،بدون تمييز ولا تبخيس لأدوارها الطلائعية. لذلك أرى أن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة هو مناسبة لتعميق النقاش في الكثير من القضايا التي تقف حجرة عثرة أمام المرأة وتحرمها من المساهمة الفعالة في تنمية البلد.من هذه القضايا:
1ــ استغلال اليوم العالمي للمرأة للقيام بحملة وطنية واسعة للتنديد باستغلال صورة المرأة في الإشهار الذي يبرزها في دورالإغراء والمشجع على الاستهلاك بدون جهد ولا تضحية.وإذا كان هناك من إشهار يظهرها في صورة العاملة المجدة المجتهدة فنحن لسنا ضده،بل نباركه ونشجع عليه.
 2ــ القضية الثانية تتمثل في آفة الأمية داخل النساء،ومغادرة الفتيات للمدرسة في سنة مبكرة ،ليعززن طابور النساء الأميات.فحق التعليم لجميع النساء هو تحد لابد من رفعه من قبل المدافعات على النساء.ويزداد إلحاحنا على هذه القضية ،خاصة إذا علمنا أن المرأة الأمية هي فريسة سهلة لجميع الآفات الاجتماعية،من شعوذة ودعارة ……..
3 ــ هناك قضية خطيرة مسكوت عنها في المجتمع المغربي خاصة لدى بعض المناطق وهي قضية الإرث،حيث تحرم المرأة من ميراثها الشرعي،إما لجهلها بذلك ،أو لظلم مسلط عليها.
4 ــ الالتفات إلى المرأة العاملة،وتعميق النقاش حول سن التقاعد،أملا في تخفيف هذا السن ما أمكن.مراعاة لظروفها،وكثرة مشاغلها داخل البيت . 5 ــ وأخيرا لايمكن أن يغيب عنا ما تعانيه المرأة القروية من تهميش وحرمان وقسوة طبيعة، مع قلة ذات اليد ،لذلك حان الوقت للانكباب بجدية على موضوع المرأة القروية،والتخفيف من معاناتها. هذه بعض القضايا التي آثرت طرحها في هذا اليوم العالمي للمرأة،وكل عام ونساؤنا بخير.