الخميس، 11 فبراير 2016

الاعلان العالمي لحقوق الانسان


الديباجة
لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.
ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.
ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
ولما كان من الجوهري تعزيز تنمية العلاقات الودية بين الدول،
ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدماً وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.
ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان اطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها.
ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد.
فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها.

المادة 1.

  • يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.

المادة 2.

  • لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.

المادة 3.

  • لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.

المادة 4.

  • لايجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما.

المادة 5.

  • لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.

المادة 6.

  • لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.

المادة 7.

  • كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.

المادة 8.

  • لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.

المادة 9.

  • لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.

المادة 10.

  • لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه.

المادة 11.

  • ( 1 ) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
  • ( 2 ) لا يدان أي شخص من جراء أداة عمل أو الامتناع عن أداة عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب، كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة.

المادة 12.

  • لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات.

المادة 13.

  • ( 1 ) لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
  • ( 2 ) يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.

المادة 14.

  • ( 1 ) لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد.
  • ( 2 ) لا ينتفع بهذا الحق من قدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو لأعمال تناقض أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.

المادة 15.

  • ( 1 ) لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
  • ( 2 ) لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.

المادة 16.

  • ( 1 ) للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
  • ( 2 ) لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملاً لا إكراه فيه.
  • ( 3 ) الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.

المادة 17.

  • ( 1 ) لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
  • ( 2 ) لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.

المادة 18.

  • لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.

المادة 19.

  • لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.

المادة 20.

  • ( 1 ) لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية.
  • ( 2 ) لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما.

المادة 21.

  • ( 1 ) لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً.
  • ( 2 ) لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد.
  • ( 3 ) إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.

المادة 22.

  • لكل شخص بصفته عضواً في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية وفي أن تحقق بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لاغنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته.

المادة 23.

  • ( 1 ) لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة.
  • ( 2 ) لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو للعمل.
  • ( 3 ) لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل مرض يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
  • ( 4 ) لكل شخص الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته

المادة 24.

  • لكل شخص الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ، ولاسيما في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر.

المادة 25.

  • ( 1 ) لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
  • ( 2 ) للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين، وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أو بطريقة غير شرعية.

المادة 26.

  • ( 1 ) لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.
  • ( 2 ) يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملاً، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام.
  • ( 3 ) للآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم.

المادة 27.

  • ( 1 ) لكل فرد الحق في أن يشترك اشتراكاً حراً في حياة المجتمع الثقافي وفي الاستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي والاستفادة من نتائجه.
  • ( 2 ) لكل فرد الحق في حماية المصالح الأدبية والمادية المترتبة على إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني.

المادة 28.

  • لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققاً تاما.

المادة 29.

  • ( 1 ) على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نمواً حراُ كاملاً.
  • ( 2 ) يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.
  • ( 3 ) لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.

المادة 30.

  • ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.

الثلاثاء، 9 فبراير 2016

الرائز التشخيصي المتمحور حول المجال

عن مدونة محيط المعرفة



في بداية هذا الموضوع سنعرف بالرائز التشخيصي المتمحور حول المجال، والفائدة من اللجوء إلى هذه المقاربة في التقييم التكويني. بعد ذلك سنقف عند صياغة الأسئلة الخاصة بهذا النوع من الاختبارات واداة التصحيح الذاتي المصاحبة الخاصة بالتلميذ.
وفي الأخير سنقدم أمثلة لهذه الروائز وللتصحيحات التي سيستعملها التلاميذ.


طبيعة وأهمية الرائز التشخيصي المتمحور حول المجال وأهميته

يكون الاختبار تشخيصيا عندما تعد الأسئلة المقترحة فيه، بحيث تمكن من إثبات وجود صعوبة معينة للتلميذ عندما يرتكب أخطاء في إجاباته. فدقة الأسئلة تعد من الخصائص الأساسية للاختبار التشخيصي. وليست هذه الدقة وليدة الحظ، ولكنها نابعة من تطبيق لمنهجية دقيقة تحدد بنية الاختبار وخاصيات الأسئلة التي تؤلفه.

ومن بين المقاربات المنهجية التي عرفت توسعا كبيرا في حقل الاختبارات التشخيصية الخاصة بفحص التعلم، يحتل الرائز التشخيصي المتمحور أو المتمركز حول المجال مكانا بارزا. فقد اهتم عدد كبير من المؤلفين بهذا النوع من الاختبارات انطلاقا من Hively والذي اقترح، مسترشدا بنظريات (Bormuth, Guttman, Schlesinger, Markle et Tieman)، مقاربة بنيوية لتحديد الأعمال الخاصة بمجال معين لقياسه. ففي مجال تقييم التعلمات، نعني بـ "المجال" مجموعة من الأعمال من نفس النوع تهدف أساسا قياس نفس المهارة. كما يفحص الرائز التشخيصي المتمحور حول المجال الأهداف المتعلقة بالفهم والتحليل أي الخاصة بالمهارات العقلية شأنه شأن رائز التحكم، لكن الأول أكثر أهمية من حيث التشخيص لكونه يبرز الصعوبات التي يشعر بها التلميذ تجاه هذه المهارات. فإذا كانت نتائج رائز التحكم تمكن من إعطاء حكم عام حول درجة نجاح التلميذ، فإن نتائج الرائز التشخيصي المتمحور حول المجال توضح ما لم يتمكن يتمكن التلميذ من التحكم فيه.

فجميع الأعمال المقترحة في الرائز التشخيصي المتمركز حول المجال، تستجيب لخاصيات محددة بوضوح. وهذه الأخيرة ناتجة عن تطبيق منهجية خاصة تمكن إما من ضم عناصر محددة لبعدين أو أكثر من المجال المقاس، أو من التمييز بين عدة عناصر لبعد واحد.

فأهمية هذا النوع من الروائز تكمن في كونه يسهل تصنيف أخطاء التلميذ، وبالتالي إعطاؤه تغذية راجعة دقيقة للصعوبات المتعلقة بالمهارة المختبرة. ففي مجال التقويم التكويني، يعتبر هذا الرائز مهما جدا في ما يخص توجيه اختيار الأنشطة المتعلقة بالمعالجة.

بناء عناصر الرائز التشخيصي المتمحور حول المجال 

تقتضي منهجية الرائز التشخيصي المتمحور حول المجال أن تكون الأسئلة المكونة له ناتجة عن خطة تحدد خاصيات كل منها. وهكذا، إذا أردنا تطبيق هذه المنهجية لاختبار قاعدة مطابقة الفعل لفاعله يمكننا، عند بناء الأسئلة، أن نأخذ بعين الاعتبار الأبعاد مثل طبيعة الفاعل، مكان الفاعل في الجملة، نوع الفعل، الزمان ... فعند تحديد المجال، تسمح الأبعاد بمعاينة خاصية الهدف المتعلق بالمهارة المقاسة، بينما العناصر هي المتغيرات التي سيحتفظ بها لكل بعد.

الإجراءات المقترحة لتحديد المجال وبناء عناصر الرائز التشخيصي المتمركز حول المجال

أولا: لتحديد المجال:

أ- تحديد الأبعاد التي نريد اعتبارها عند فحص الهدف.
  1. الاحتفاظ بالأبعاد الملائمة.
  2. الاقتصار على بعدين أو ثلاثة حتى يكون طول الاختبار معقولا.
ب- تحديد العناصر الخاصة بكل بعد.
  1. الاقتصار على عنصرين أو ثلاثة بالنسبة لكل بعد، إذا تعلق الأمر ببعدين أو أكثر.
  2. تحديد عدد أكبر من العناصر إذا احتفظنا ببعد واحد.
ج- تمثيل المجال في خطاطة توضيحية.
  1. تسمح الخطاطة بمعاينة مجموعات أسئلة الاختبار بكاملها والمقارنة بين خاصياتها...
  2. ترشدنا الخطاطة لتقديم الإجابات في أداة التصحيح الذاتي الموجهة للتلميذ.
ثانيا: لإعداد الأسئلة:

أ- تحديد عدد الأسئلة.
  1. عادة 3 أو 4 أسئلة لكل مجموعة حسب الحالة.. وإذا كان عدد المجموعات كبيرا، يكون عدد أسئلة كل مجموعة قليلا حتى لا يكون الاختبار طويلا.
  2. يمكن أن يكون عدد الأسئلة مختلفا من مجموعة إلى أخرى.
ب- كتابة الأسئلة بطريقة منظمة.
  1. إعداد أسئلة مختلف المجموعات متسلسلة مع احترام خاصيات كل منها.
  2. إذا كانت الأسئلة قصيرة، تكتب في الخطاطة، وإذا لم تكن كذلك تكتب بعد الخطاطة مع التذكير بالمجموعة التي تنتمي إليها.
ج- تحديد الترتيب الذي ستقدم فيه الأسئلة.

يكون إعداد الأسئلة حسب المجموعات ولكنها تقدم للتلميذ مبعثرة، حتى لا يلاحظ أوجه التشابه بين أسئلة نفس المجموعة، وسيشار في الخطاطة إلى الترتيب المتوقع.

إعداد أداة كتابية للتصحيح الذاتي

يجب أن نولي اهتماما خاصا بالمنهجية المطبقة في إعداد أدوات التصحيح الذاتي الخاصة بالرائز التشخيصي المتمحور حول المجال. فإذا كانت أدوات التصحيح الخاصة بـ الرائز المعرفي ورائز التحكم بسيطة الاستعمال نسبيا من طرف التلميذ، بحيث أن ترتيب الإجابات المقترحة يتناسب وترتيب الأسئلة، فإن أدوات التصحيح الذاتي المصاحبة للرائز التشخيصي تقتضي استعمالا أكثر تعقيدا؛ بحيث أن التلميذ مطالب بإعادة ترتيب الأسئلة للقيام بالتصحيح المطلوب. لذا ينبغي أن يبسط التصحيح قدر الإمكان مهمة التلميذ، بحيث تكون الإرشادات واضحة جدا وتساهم بنية الأداة أكثر ما يمكن في تبسيط هذه المهمة.

فبما أن القوة التشخيصية لهذا النوع من الروائز تكمن في إعدادها الذي يعتمد على تجميع الأسئلة حسب خاصياتها، يجب أن يفرز التصحيح هذه المجموعات. إذ يمكن الاستعانة بالخطاطة المعدة عند تحديد المجال، والتي تعتبر وسيلة جيدة لتجميع الأسئلة المتشابهة بسرعة، وإعطاء الأجوبة المنتظرة. وحتى نساعد التلميذ على معرفة أخطائه وفهم أسباب وقوعها، ينبغي أن تقدم الأجوبة في رسم أو جدول يميز بين مجموعات الأسئلة ويمكن من مقارنتها.

أمثلة للروائز التشخيصية المتمحورة حول المجال وأدوات التصحيح الذاتي 

سنقدم مثالا يختبر مدى فهم مختلف كتابات الهمزة المتوسطة للمستوى الرابعة أساسي وسيكون الاختبار مسبوقا بتطبيق للإجراءات المذكورة لتحديد المجال وإعداد الأسئلة، ومصحوبا أيضا بتصحيح موجه للتلميذ.

أولا: مراحل إعداد الاختبار

الهدف الخاص: كتابة الهمزة المتوسطة بشكل مناسب في جمل بسيطة للمستوى الرابعة أساسي.
تحديد المجال:
  • البعد: الهمزة المتوسطة.
  • العناصر: أ- على الواو.   ب- على الألف.   ج- على الياء.
  • خطاطة للإرشاد إلى إعداد الأسئلة:
خطاطة للإرشاد إلى إعداد الأسئلة
خطاطة للإرشاد إلى إعداد الأسئلة

ثانيا: الاختبار

الإسم: ...
القسم: ...
اللغة العربية: الرابعة أساسي.

اختبار حول كتابة الهمزة المتوسطة.

اكتب الهمزة المتوسطة بشكل سليم مكان النقط في الجمل الآتية:
  1. لاحت ر...وس الأغنام من بعيد.
  2. سـ...ل العبد المؤمن الله.
  3. إن أكرمت اللـ...يم تمرد.
  4. لا بـ...س بما أنجزته من عمل.
  5. إن الله ر...وف بالعباد.
  6. سـ...مت تكاليف الحياة.
  7. صافحني طفل مـ...دب.
  8. هوى على الأرض بفـ...سه.
  9. سافرت إلى بـ...ر انزران.
  10. قرأت كتاب البـ...ساء.
  11. نجا الفـ...ر من المصيدة.
  12. حصل الفلاح على محصول ضـ...يل.
صحح الآن اختبارك حسب التعليمات التي قدمت لك.

ثالثا: تصحيح الاختبار

الأجوبة في هذا التصحيح غير متسلسلة كما هو الشأن بالنسبة للأسئلة. عليك إذن إيجادها في أحد الأعمدة أ ، ب ، ج.
ضع دائرة حول رقم الجواب الخاطئ في العمود، واكتب نتيجتك في المكان المخصص لذلك.
انتبه: إذا كانت نتيجتك مخالفة لـ 4/4، اقرأ جيدا التفسير المقدم في أسفل الأعمدة.

المجموعة أ: يكتب الأستاذ الجواب عن الأسئلة بأرقامها في كل مجموعة وأسفلها يضع المكان المخصص للنتيجة، ثم يليه تفسير الجواب وهو كالتالي:
المجموعة أ: تكتب الهمزة على الواو إذا كانت مضمومة أو ما قبلها مضموم. أعد قراءة الأمثلة 1، 5، 7، 10 إذا حصلت على أقل من 4/4.
ونفس الشيء بالنسبة للمجموعات الأخرى:
المجموعة ب: تكتب الهمزة المتوسطة على الألف إذا كانت مفتوحة أو ساكنة وما قبلها مفتوح. أعد قراءة الأمثلة: 2، 4، 8، 11 إذا حصلت على أقل من 4/4.
ونقوم بنفس التفسير بالنسبة للمجموعة ج.
المجموعة ج: تكتب الهمزة المتوسطة على الياء إذا كانت مكسورة أو مسبوقة بكسر. أعد قراءة الأمثلة 3، 6، 9، 12 إذا حصلت على أقل من 4/4.
نلاحظ في التصحيح أن المنهجية المطبقة في الرائز التشخيصي المتمحور حول المجال تكمن في وضع مواصفات إنجاز التلميذ عند تصحيح الاختبار، الشيء الذي يمكن من معرفة النتائج الجزئية لمختلف المجموعات، وبالتالي إعطاء تغذية راجعة دقيقة للتلميذ.

يتضح إذن أن هذا النوع من الروائز أكثر إيجابية من رائز التحكم الذي يعطي نتيجة إجمالية لإنجاز التلميذ. فالتمرن على الرائز التشخيصي هذا سيمكن المدرسين من التحكم الجيد في هذه المنهجية.
المرجع: المقاربة الأداتية للتقييم التكويني للتعلمات.
تأليف: الأستاذة جانين لافوا سيروا. كلية علوم التربية جامعة لافال

معنى العصف الذهني مبادئه ومراحله

عن مدونة محيط المعرفة




 مفهوم العصف الذهني :

يعد أسلوب العصف الذهني في التدريس من الأساليب التي تشجع التفكير الإبداعي، وتطلق الطاقات الكامنة عند التلاميذ في جو من الحرية والآمان بما يسمح بظهور كل الآراء والأفكار، حيث يعتمد هذا الأسلوب على حرية التفكير، ويستخدم في توليد أكبر كم من الأفكار لمعالجة موضوع من الموضوعات المفتوحة.

ويرجع الفضل في إرساء قواعد العصف الذهني بصيغة علمية إلى (أورسيورن 1938 ) حين لم يكن راضيا عما يدور في اجتماعات وكالات النشر الأمريكية من أجل شئون النشر والطباعة في إحدى تلك الوكالات التي يعمل رئيسا لها، ولذلك اتجه لتحضير أسلوب العصف الذهني بغرض توليد الأفكار وانجاز المهام بشكل أفضل.
ولأسلوب العصف الذهني ( Brainstorming ) العديد من الترجمات الأخرى منها: القصف الذهني، التفاكر، المفاكرة، إمطار الدماغ، تدفق الأفكار، توليد الأفكار، عصف الدماغ، استمطار الأفكار، تهييج الأفكار، عصف التفكير، تنشيط التفكير، إعمال التفكير، إثارة التفكير، كما يسمى أسلوب القدح الذهني أحيانا بمسميات أخرى أهمها : التحريك الحر للأفكار ( Free wheeling ) أو إطلاق الأفكار ( Ideation ) وحل المشكلات الإبداعي ( Creative Problem Solving ) وتجاذب الأفكار.

ومن الطبيعي أن تتعد التعريفات:
ويعرفه معجم المصطلحات التربوية بأنه :
أسلوب يستخدم في دراسة مشكلة أو موضوع ما، وفيه تجتمع مجموعة من الخبراء؛ ليصلوا إلى حلول أصيلة من خلال الناقشة وطرح الحلول والبدائل وقفا على الأداء، ويكون الهدف الرئيس هو التوصل إلى أكبر عدد ممكن من الأفكار، وليس مناقشة الآراء ونقدها.
ويطلق ( أوزيورن ) على القدح الذهني اسم ( التخيل المنظم )، ويعرفه بأنه:
 أسلوب يعتمد على تبادل الأفكار بين أعضاء جماعة بغية توليد مجموعة كبيرة من الأفكار مع الكم ( التمحيص، الاختيار، التصنيف، الرفض) مع الوضع في الاعتبار تأجيل الحكم إلى نهاية الجلسة.
ويعرف بأنه :
عملية منظمة للحصول على الأفكار
ويطلق عليه استمطار الأفكار أو عصف الأفكار، ويعرفاه بأنه:
تلك العملية التي تساعد على توليد العديد من الحلول لمشكلة معينة، دون تلك الحلول أو الحكم عليها في ضوء معايير معينة، ومن المطلوب في حل هذه المشكلة أن يقدموا أكبر عدد ممكن من الأفكار التي قد تساعد على حل المشكلة باعتبارهم جميعا مصادر أو مراجع بشرية لحل مشكلة ولا تقوم الحلول المطروحة إلا بعد الانتهاء من جلسة استمطار الأفكار.
مما سبق يتضح أن أسلوب القدح الذهني يقصد به توليد وإنتاج أفكار وآراء إبداعية من الأفراد والمجموعات لحل مشكلة معينة، وتكون هذه الأفكار والآراء جيدة ومفيدة، وأصل كلمة قدح ذهني ( حفز أو إثارة أو إمطار العقل ) يقوم على تصور ( حل المشكلة ) على أنه موقف به طرفان يتحدى أحدهما الأخر، العقل البشري من جانب والمشكلة التي تتطلب الحل من جانب آخر. ولابد للعقل من الالتفات حول المشكلة والنظر إليها من أكثر من جانب، ومحاولة تطويقها واقتحامها بكل الحيل الممكنة، أما هذه الحيل فتتمثل في الأفكار التي تتولد بنشاط وسرعة من جانب التلاميذ.

واستخدام أسلوب القدح الذهني من هذا المنطلق يكون بتدريب التلاميذ على القراءة الإبداعية على موضوعات القراءة المقررة عليهم من خلال اتاحة الفرصة لهم لتوليد، وتقديم ما يجول بأذهانهم من أفكار تمس المقروء، وتقديم حلول غير مألوفة لمشكلة مطروقة بشكل يتسم بالإبداع.

مبادئ وقواعد القدح الذهني

يقوم أسلوب القدح الذهني داخل حجرة الدراسة على مبدأين رئيسين، وأربعة قواعد؛ وذلك لكي يحقق أهدافه.

 وهذين المبدأين هما :


  1. تأجيل الحكم على قيمة الأفكار أثناء المرحلة الأولى من عملية القدح الذهني.
  2. الإسراع بالحكم على قيمة الأفكار يولد الكف ، بمعنى أن أفكارا كثيرة من النوع المعتاد يمكن أن تكون مقدمة للوصول إلى أفكار قيمة أو غير ثابتة في مرحلة لاحقة من عملية القدح الذهني.

أما القواعد الأربعة فهي :



  1. لا يجوز انتقاد الأفكار التي يشارك بها أعضاء الفريق أو طلبة الصف مهما بدت سخيفة أو تافهة ، وذلك انسجاما مع المبدأ الأول المشار إليه أعلاه ، حتى يكسر الخوف والتردد لدى المشاركين .
  2. تشجيع المشاركين على إعطاء أكبر عدد ممكن من الأفكار دون الالتفات لنوعها والترحيب بالأفكار الغريبة أو المضحكة أو غير التقليدية.
  3. التركيز على الكم المتولد من الأفكار اعتمادا على المبدأ الثاني ، الذي ينطلق من الافتراض بأنه كلما زادت الأفكار المطروحة كلما زادت الاحتمالية بأن تبرز من بينها فكرة أصيلة.
  4. الأفكار المطروحة ملك للجميع ، وبإمكان أي من المشاركين الجمع بين فكرتين أو أكثر أو تحسين فكرة أو تعديلها بالحذف والإضافة.

خطوات ومراحل التدريس بأسلوب القدح الذهني :

تمر جلسة القدح الذهني أثناء التدريس بعدد من المراحل يفضل توخي الدقة في أداء كل منها على الوجه المطلوب؛ لضمان نجاحها وتتضمن هذه المراحل ما يلي:
(1) تختار مجموعة التلاميذ رئيسا أو مقررا لها يدير الحوار، ويفضل أن يكون على دراية بكيفية وقواعد هذا الأسلوب، وبحيث يكون مقبولا من كل التلاميذ، وحبذا لو كان على دراية بموضوع المشكلة، كما تختار المجموعة أمينا للسر يقوم بتسجيل ما يعرض في الجلسة، وفي البحث الحالي يقوم التلميذ ( مقدم الفكرة ومقترح الحل المبدئي ) بدور الرئيس، وهو طالب يختاره المدرس مع التلاميذ ويكون من التلاميذ المتميزين وهو يتغير كل جلسة، ويقوم المعلم بتسجيل الأفكار لضمان السرعة والدقة ولقصر قامة التلاميذ .
يتولى المعلم تعريف أسلوب القدح الذهني عند تطبيقه لأول مرة لبقية التلاميذ ويذكرهم بالقواعد الأساسية للقدح الذهني التي عليهم الأخذ بها.
(2) تحديد ومناقشة المشكلة ( الموضوع ).
(3) إعادة صياغة الموضوع.
تهيئة جو الإبداع والقدح الذهني.
(4) يقوم المعلم بكتابة السؤال أو الأسئلة التي وقع عليها الاختيار عن طريق إعادة صياغة الموضوع الذي تم التوصل إليه في المرحلة الرابعة، ويطلب من التلاميذ تقديم أفكارهم بحرية على أن يقوم المعلم بكتابة الملاحظات بتدوينها بسرعة على السبورة أو لوحة ورقية في مكان بارز للجميع مع ترقيم الأفكار حسب تسلسل ورودها.
(5) عند توقف سيل الأفكار يوقف الرئيس الجلسة لمدة دقيقة للتفكير في طرح أفكار جديدة وقراءة الأفكار المطروحة سلفا، وتأملها، ثم فتح الباب مرة أخرى للأفكار الجديدة للتدفق بحرية، وتتم كتابتها أولا بأول، وفي حالة قلة الأفكار المطروحة فإنه يحاول استثارتهم بعبارات أو كلمات تولد لديهم مزيدا من الأفكار، كما قد يقدم ما لديه من أفكار.
تحديد أغرب فكرة.
بعدما تنتهي المجموعة من طرح أكبر كمية من الأفكار، يتم تقييم الأفكار وتحديد ما يمكن أخذه منها، وفي بعض الأحيان تكون الأفكار الجيدة بارزة وواضحة للغاية، ولكن الأفكار الجيدة دفينة يصعب تحديدها ونخشى عادة أن تهمل وسط العشرات من الأفكار الأقل أهمية، وعملية التقييم تحتاج نوعا من التفكير الانكماشي الذي يبدأ بعشرات الأفكار ويلخصها حتى يصل إلى القلة الجيدة.
العصف الذهني؛ وذلك لأهميته في عملية التعليم، وذلك انطلاقا من مسلمة مهمة أنه كلما زادت مشاركة التلاميذ في الدرس كلما أتيحت لهم الفرصة، وهيئت لهم البيئة التعليمية التي تساعدهم على الإسهام الإيجابي كلما كان التعلم أفضل. وهناك العديد من الدراسات والكتابات التربوية التي تناولت القدح الذهني بالتعريف رغم اختلاف مترادفات مسمياته العربية إلا أنها تتفق مع المصطلح الأجنبي (Brainstorming)

الوسائل التعليمية – تقنيات التعليم

 إبراهيم العبيد    عن صفحات تربوية



مقدمة
لم يعد اعتماد أي نظام تعليمي على الوسائل التعليمية درباً من الترف ، بل أصبح ضرورة من الضرورات لضمان نجاح تلك النظم وجزءاً لا يتجزأ في بنية منظومتها 0
ومع أن بداية الاعتماد على الوسائل التعليمية في عمليتي التعليم والتعلم لها جذور تاريخية قديمة ، فإنها ما لبثت أن تطورت تطوراً متلاحقاً كبيراً في الآونة الأخيرة مع ظهور النظم التعليمية الحديثة 0
وقد مرت الوسائل التعليمية بمرحلة طويلة تطورت خلالها من مرحلة إلى أخرى حتى وصلت إلى أرقى مراحلها التي نشهدها اليوم في ظل ارتباطها بنظرية الاتصال الحديثة Communication Theory واعــتـــمادهـا على مـدخل النظم Systems Approach
وسوف يقتصر الحديث على تعريف للوسائل ودورها في تحسين عملية التعليم والتعلم والعوامل التي تؤثر في اختيارها وقواعد اختيارها وأساسيات في استخدام الوسائل التعليمية.
تعريف الوسائل التعليمية :
عرفَّ عبد الحافظ سلامة الوسائل التعليمية على أنها أجهزة وأدوات ومواد يستخدمها المعلم لتحسين عملية التعليم والتعلم .
وقد تدّرج المربون في تسمية الوسائل التعليمية فكان لها أسماء متعددة منها :
وسائل الإيضاح ، الوسائل البصرية ، الوسائل السمعية ، الوسائل المعنية ، الوسائل التعليمية ، وأحدث تسمية لها تكنولوجيا التعليم التي تعني علم تطبيق المعرفة في الأغراض العلمية بطريقة منظمة 0
وهي بمعناها الشامل تضم جميع الطرق والأدوات والأجهزة والتنظيمات المستخدمة في نظام تعليمي بغرض تحقيق أهداف تعليمية محددة
أهمية الوسائل التعليمية
قبل أن نتحدث عن أهمية الوسائل التعليمية علينا أن نتعرف على أهداف تكنولوجيا التعليم ، لأن الوسائل التعليمية ما هي إلا عنصر بسيط جداً من عناصر تكنولوجيا التعليم .. إن أهداف تكنولوجيا التعليم تكاد تنحصر في الهدفين التاليين : وهما
الهدف الأول
التعرف على المشكلات التعليمية المعاصرة وإيجاد الحلول المناسبة لها .
الهدف الثاني
تحسين العملية التعليمية .
ومن قراءتنا لتلك الأهداف السامية التي تسعى إلى تحقيقها تكنولوجيا التعليم فإن من السهل التعرف على أهمية الوسائل التعليمية ، فالوسائل التعليمية باعتبارها عنصر من عناصر تكنولوجيا التعليم فإنها تقدم خدمات من أجل تحقيق الهدفين السابقين ومن النقاط الدالة على أهمية الوسائل التعليمية ما يلي : –

الخميس، 4 فبراير 2016

أسس المستقبل التربوي

الحسن اللحية




لابد من الإشارة إلى أن ما سمي (بإلغاء) (بيداغوجيا) الإدماج كان أمرا ملتبسا لأن المذكرة الصادرة في الأمر تنص على توقيفها في السلك الثانوي الإعدادي ، بينما تترك المجال مفتوحا أمام التأويل في السلك الابتدائي لاقتران الاشتغال بها بمجلس المؤسسة.
لقد كان و ما يزال السؤال مفتوحا حول تبنيها أو إلغائها، وحول ماهيتها ما إذا كانت بيداغوجيا في ذاتها أم لا.
 صحيح أنها خلقت حولها بلبلة بين الرافض لها و القابل بها و المتبني لها و المريد لشيوخها و المستفيد من إمكاناتها ...إلخ؛ غير أن الأمر لم يبلغ إلى  درجة الحوار الفكري بشأنها، و لربما أنها أصبحت الحل الوحيد والتصور الوحيد بالنسبة للكثيرين من أشياعها و غير مشايعيها فبدا النقد كأنه جرما أو كفرا.
نشير إلى أننا حاورناها منذ 2006 و نشرنا بصددها مقالات كثيرة ، ثم واصلنا نقدنا لها في سنة 2008 و 2009 و 2011/2012 . و الخلاصات الكبرى التي استخلصناها كانت كثيرة. و لعلم القارئ أن التفكير التربوي في علوم التربية يتوقف عند تصور كبير يقول بأن التفكير في التربية  يتقاسمه توجهان؛ واحد من بينهما يهتم بالتفكير في التربية مثل فلسفة التربية و سوسيولوجيا التربية و السيكولوجيا من خلال الحقول المعروفة كالتعلم و النمو مهما كانت المدرسة السيكولوجية. و التوجه الثاني يهتم بالتفكير حول التربية و هنا نجد التقويم والاقتصاد التربوي و السياسات التربوية ...إلخ.
والباحث في (بيداغوجيا) الإدماج سيجدها من الصنف الثاني لا الصنف الأول للأسباب الفكرية التالية:
أولا: لا تنطلق (بيداغوجيا) من أي أساس فلسفي أو سوسيولوجي أو سيكولوجي واضح رغم ادعائها بأنها تنتمي إلى السوسيوبنائية؛ ومعنى ذلك أن براديغمها الفكري سيظل اختباريا تجريبيا بالضرورة: عدة تقويمية تجرب في هذا البلد أو ذاك بنفس الطريقة.
ثانيا:  التنميط و الشمولية، وهي خاصية تلازمها أينما حلت و ارتحلت ، فهي لا تقيم الفوارق بين البلدان والأطفال و الثقافات ؛ بل تنتج و تعيد عدتها وتصورها الفوق دولتي حيثما كانت. إنها بيداغوجيا فوق دولتية، فوق الأوطان وعابرة للبلدان لا تميز بين هذا وذاك من حيث آلية التقويم و التصنيف التقويمي. وذلك ما جعل المدرسين والمدرسات و المديرين والمديرات منشغلين بملء الجداول و المبيانات، أي تحولوا إلى مصانع للتقويم كما يقول البيداغوجي الفرنسي دوفتشي، بدل الانشغال بالبناء وتنمية الذات و البعد الانساني والعلائقي و التواصلي و القيمي.
ثالثا: إن هم (بيداغوجيا) الإدماج الوحيد و الأوحد هو التقويم، وهذا معناه انها لا تمتلك سؤال التربية و لا سؤال البيداغوجيا. فهي لا تعي نفسها كتصور للتربية أو في التربية ، و بالتالي لن تكون بيداغوجيا تعمل العلم في التربية ، أي تستحضر السيكولوجيا (التعلم والنمو و تنمية الذكاء...) أو السوسيولوجيا (التنشئة الاجتماعية والفوارق و تكافؤ الفرص و الأنظمة الثقافية ...إلخ) أو الفلسفة ( سؤال الإنسان و المصير و الغاية و القيم ...إلخ). فنزعتها التقويمية تغيب كل شيء شيء من أجل تصنيف مسبق وضع قبل أن يلج الطفل إلى المدرسة.
رابعا: تقدم بيداغوجيا الإدماج نفسها كاستراتيجية في محاربة الأمية الوظيفية ، ومرة تقول بأنها استراتيجية في تعلم الكتابة والقراءة والحساب، وهي بذلك تصنف نفسها بنفسها في خانة  المشتغلين على التسرب الدراسي و محاربة الأمية . و يتضح ذلك بكونها تضع نفسها كأداة في يد منظمات دولية تشتغل على محاربة الامية الوظيفية. و قد عينت نفسها كبيداغوجيا للفقراء، كبيداغوجيا لدول لم تعمم التمدرس و لا تتوفر على نظام تربوي قائم.
خامسا: يجلنا هذا التصور الأخير الذي عينت به نفسها إلى أنها تتلاءم و اقتصاد الهشاشة، هذا الاقتصاد الذي يقوم علىl’insertion وليس  l’intégration . و لعل هذين المفهومين هما لحمة بيداغوجيا الإدماج.
سادسا: إن الانشغال بالهشاشة والكتابة والقراءة و الحساب ، و الانشغال بالعدة التقويمية و التخطيط الشامل و الأحادية و النمطية جعلها تغفل القيم و السؤال حول الإنسان؛ وذلك ما جعلها تتعرى أمام وضعيات قيمية و ثقافية و ذهنية و مخيالية لأنها ببساطة تنزع نحو المهارة اليديوية و الإنجازية القابلة للملاحظة ، وبالتالي القابلة للتقويم ، وهو ما جعلنا نصنفها ضمن السلوكية الواطسنية الجديدة. فالكائن الذي يتعلم هو هو في المغرب أو غيره من البلدان مطلوب منه أن يبلغ سلما إنجازيا معينا لتحكم عليه هي بالتعلم.
سابعا: ما يلاحظ أن (بيداغوجيا) الإدماج لا تعير اهتماما بالنمو و لا بالذكاءات المتعددة و لا باستراتيجيات التعلم لدى الأطفال و لا بالموقع الاجتماعي و الثقافي الذي ينحدرون منه. كما لا تفكر في المعاقين و لا المتأخرين ذهنيا و لا الذين لا يملكون أي رأسمال ثقافي ...إلخ. لقد كان  و ما يزال همها هو بناء وضعية تقويمية، وضعية مستهدفة، وضعية إدماجية واحدة موحدة بالنسبة للجميع  حيثما كانوا ، وكان العلاج واحدا موحدا.
ثامنا: إن لغة بيداغوجيا الإدماج و جهازها المفاهيمي بعيد عن لغة التربية لأنه يمتح من التدبير والاقتصاد  و الهندسة أكثر مما يمتح من النظريات السيكولوجية و السوسيولوجية و الفلسفية. فأنت تجد لغتها تتحدث بحيادية عن المعرفة و اللغة و القيم ، كما تجعل المعرفة و الأشخاص موارد كباقي الموارد العينية ...إلخ. و لعل هذا الجانب وحده يجعلها موضوع تأمل فكري يعري عن وجهها اللاتربوي و اللابيداغوجي بشكل عام.

تلكم أهم انتقاداتنا لها منذ 2006 إلى اليوم.فكم كلفتنا هذه الآلة التقويمية؟ وماذا كلفتنا بالتحديد؟ إن التكلفة في التربية على وجه التحديد ،كما يقول كانط، تكون زمنية ، أي أن زمن التكلفة هو زمن مستقبلي. هل كان المغرب حقل تجربة؟ هل كان أبناء المغرب فئران واطسن؟ من نحن المغاربة ونحن نتبنى (بيداغوجيا) الإدماج؟ عن أي مستقبل تربوي نتحدث و نحن نشتغل بها؟ عن أي إنسان مغربي نتحدث ونحن نجعلها جزء من تصوراتنا للمغربي؟...إلخ
إن التكلفة لن يجيب عنها الافتحاص لأن هناك زمن ضائع لا يدخل في خانات الافتحاصات إلا إذا كان للمسؤول وعيا بالزمن و بالمستقبل معا. وبناء عليه فإن الافتحاص لن يرد الزمن الضائع و لن يجعل المغاربة يعون المستقبل بوعيهم للقضية التربوية والبيداغوجية.
يبدو لي أنه من ملامح الوعي بمصير المغرب، بمستقبل المغرب هو الاستدراك، استدراك الزمن الضائع لنلج الحاضر في حاضريته و المستقبل كزمن آت يمحو الحاضر و يعطيه معنى، وهو ما يغيب غيابا كليا منذ أن (ألغيت) هذه (البيداغوجيا). و بلغة أخرى إن زمن ما بعد (بيداغوجيا) الإدماج لم يكن ملحا و كأن المغاربة ينتظرون الإله المخلص ليوحي لهم بحل بيداغوجي جديد. إنهم ينتظرون، يقفون، يتوقفون دونما طرح السؤال: أي حالة بيداغوجية نحن عليها الآن في مؤسساتنا التعليمية و التكوينية و التفتيشية؟ ودون البحث عن المسؤول عن حالة الانتظار الكبرى هاته فإن السؤال حول المستقبل البيداغوجي لم يطرح بعد . فمنا من ينتظر كعادته ومنا من لا يبالي بخطورة الأمر ومنا يحارب الديناصورات بسيوف خشبية ومنا من يغترب في الحدائق، وحده الوطن ينتظر المحاربين من أجله.
وخلاصة القول فإن غياب المستقبل التربوي والبيداغوجي يعني غياب الإنسان الذي نريده، بل غياب الإنسان المغربي. وانبعاث المستقبل التربوي والبيداغوجي  لا يكون إلا بحوار بين مفكري ومفكرات و باحثي وباحثات المغرب ، فهؤلاء وحدهم  هم من يعرف لماذا ينبغي أن نكون مغاربة و أن يكون  للمغرب مستقبلا.

***


لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن (بديل) بيداغوجي في المغرب هكذا بجرة قلم ، وبتسرع دون تأمل و تفكير عميق ونقاش أكاديمي و معرفي مستفز للجميع. فكل حديث عن البديل البيداغوجي  دون تفكير طويل و عميق سيجعلنا نكرر أخطاء الماضي المتراكمة منذ عقود، بل سيجعل أمر البديل البيداغوجي كما لو كان سلعة تقتنى اقتناء كالأكلة الجاهزة و البناءات المفكك، ومن جانب آخر فإن أي حديث عن البديل البيداغوجي لا يطرح ضمن تصور تربوي إشكالي فلسفي عام سيختزل الأمر في الفهم التقنوي والتبسيطي و الاختزالي  للقضية البيداغوجية، إن لم يكن  هذا التصور الأداتي بالذات هو السائد في المغرب منذ بيداغوجيا الأهداف وصولا إلى (بيداغوجيا الإدماج). إن ما تغافلته التصورات البيداغوجية (إن وجدت) في المغرب منذ عهد بيداغوجيا الأهداف إلى اليوم هو البحث عن التصور الفلسفي و الإبستيمولوجي و البراديغمي الذي تستند إليه هذه البيداغوجيا أو تلك كي تتملكها من جهة الأسس و الخلفيات و الأفق و الغاية و الجانب الابيستيمولوجي.
 لقد جعل هذا الغياب أو هذا  الفهم التقني من البيداغوجيا – كيفما كانت هذه البيداغوجيا- مجرد تقنية أو أداة محايدة تكون في متناول الجميع ، و بالتالي يمكن نقلها من مفتش(ة) إلى غيره ، ومن مكون(ة) إلى غيره، ومن مكون(ة) إلى طالب(ة) أستاذ(ة) وهكذا ودواليك.
و بالإجمال يمكن نقلها من هنا إلى هناك بيسر و دون عناء كما تنقل الأشياء العينية من مكان إلى مكان. ولعل هذا الجانب هو ما جعل الكثير الكثير من المهتمين بالتكوين والتفتيش يتحدثون عن الميدان و أدوات الاشتغال في الميدان كما لو كان الأمر يتعلق بنقل معدات البناء من عارف إلى جاهل و اختزال الذات أو دور الذات العارفة في النقل المحايد و الوساطة النزيهة  بين هذا وذاك. إنه لأمر مؤلم، وإنه لتصور وضعاني مغرق في الحيادية و الموضوعية التي وسمت بدايات القرن التاسع عشر الأوربي، وهو الأمر الذي لا يستقيم و خصوصية المجال الانساني كما يفهم اليوم في ابستيمولوجيا العلوم الانسانية عامة.
إن هذا التصور المبتسر المختزل الأدواتي –إن صح التعبير- و الإجرائي حصرا جعل علاقة الذات بالبيداغوجيا علاقة محايدة (أسطورة الموضوعية) ؛ أي أن الذات العارفة (ذات المكون(ة) والمفتش(ة) و الطالب(ة) و المدرس(ة)...إلخ) لا تعنيها البيداغوجيا إلا كأدوات للاشتغال في لحظة الاشتغال، أو بمعنى آخر أن البيداغوجيا لا تهم المفتش(ة) و المكون(ة) والمدرس(ة) إلا حينما يفتح حجرة الدرس أو ما شابهها ، ثم تنتهي علاقته بها حينما يغادرها. وها هنا علينا ان نستحضر أسئلة غاستون باشلار للعلماء، في هذا الباب بالقياس، وهم يتوجهون صباحا إلى المختبر أو يعودون منه مساء (التحليل النفسي للمعرفة العلمية).
إن مثل هذا الفهم السطحي للبيداغوجيا جعل الجميع يستسهلها و يصبح منظرا فيها أو خبيرا في مكاتب دراسية بيداغوجية خاصة (بيداغوجيا الوصفات). و المعنى المقصود هنا هو أن البيداغوجيا تساوي أدوات و إجراءات محددة ، وأن اتقانها يعني اتقان تلك البيداغوجيا وبلوغ مرادها. أليس هذا هو واقع حال البيداغوجيا في المغرب منذ عقود من الزمن؟ أليس هذا التصور هو القتل الفعلي للتفكير البيداغوجي بالذات؟ أليست هذه الممارسة هي التي تقف أمام كل تفكير في السؤال التاريخي منذ القرن الثامن عشر: ماذا نعني بالبيداغوجيا؟
ذلك هو التصور الخاطئ الذي ساد المغرب منذ بيداغوجيا الأهداف إلى اليوم. ونكرر هنا أنه تصور اختزالي و تبسيطي وأداتي و وضعي (يقيم الفصل بين الذات و الموضوع، بين الذات العارفة و البيداغوجيا المتبناة) و اختباري لأنه لا يؤمن بالتأمل في الممارسة وفي الذات العارفة و المتلقية، وتجريبي لأنه يمجد الممارسة دون وعي بها، فيجعل الحقيقة في التجربة ، في الميدان بلغة الممارسين اليوم. وأما الذات العارفة  لا يهمها وضع ذاتها في منطوق الخطاب و الفكر والممارسة ، ولا يعنيها كل ذلك لا من قريب و لا من بعيد، لا يعنيها لا وضع الذات و لا وضع المعرفة. وهكذا تصير الذات العارفة  ذاتا تايلورية محكوم عليها بالوظيفية المطلقة دون معرفة بما تقوم به و لا تصور لديها للغاية النهائية من وظيفتيها؛ فهي ذات مأمورة من طرف المهندس تقوم بمهام لا تعيها.
إذن، فما الذي جعل ممارستنا البيداغوجية في المغرب اختبارية و تبسيطية و تجريبية  و اختزالية و وضعية لا تتجاوز بدايات القرن التاسع عشر في آخر المطاف؟
إن أول سبيل لتلمس الإجابة عن سؤالنا أعلاه  يتمثل في غموض ما نعنيه في المغرب بعلوم التربية. فهذا التخصص وحده كان عليه أن يوضح الالتباسات التي تطال المشكل البيداغوجي في المغرب منذ أن تأسست مراكز التكوين بعامة. و نعني هنا بعلوم التربية تحديدا  فلسفة التربية و سوسيولوجيا التربية والسيكولوجيا و ما عدا هذه التخصصات أو الحقول المعرفية الكبرى يكون كل انتماء لعلوم التربية بالتبني لا بالشرعية المعرفية. فهذه التخصصات هي التي تهمها  إشكالات كثيرة منها:  ما معنى التربية ؟ و ما معنى البيداغوجيا؟ و لماذا ينبغى أن يرتبط التعلم و التنشئة الاجتماعية أو بناء الذات بالبيداغوجيا والتربية، أو لنقل كما يسميها المفكرون الكبار (كانط، أوغست كونت، دوركهايم ...إلخ) أن يرتبط كل ذلك بعلم التدريس أو علم التربية؟
ها هنا كان على الخطاب التربوي والبيداغوجي أن يشتغل على ارتباط البيداغوجيا بالتعلم والتنشئة الاجتماعية، وأن يبين بأن البيداغوجيا تهم الذات المتعلمة في جميع أبعادها  لتنشئة إنسان ما ، و بالتالي فإن الخطاب البيداغوجي هو خطاب في الإنسان و ليس خطابا أداتيا اختباريا لا علاقة له بالمدرس(ة) و الطفل(ة) و المكون(ة) و المفتش(ة). و بتعبير أدق فإن كل خطاب بيداغوجي هو خطاب في تربية الإنسان في آخر التحليل.